للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تمنيت أن الأرض انشقت بي [١] ساعتئذ، فدخلت فيها. فرفع الرجل التسبغة [٢] عن وجهه، فإذا هو طلحة بن عبيد الله فقال: يا عمر، ويحك! إنك قد أكثرت منذ اليوم، وأين التّحَوّز أو الفرار إلا إلى الله تعالى؟ قالت: ويرمي سعدًا رجل من قريش، يقال له: ابن العَرقة بسهم له وقال له: خذها وأنا ابن العَرقة! فأصاب [٣] أكْحَلَه فقطعه، فدعا الله سعد فقال: اللهم؛ لا تمتني حتى تُقر عيني من قريظة. قالت: وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية، قالت: فرقًا [٤] كَلْمُه، وبعث الله الريح على المشركين، وكفى الله المؤمنين القتال، وكان الله قويًّا عزيزًا. فلحق أبو سفيان ومن معه بتهامة، ولحق عيينة بن بدر ومن معه بنجد، ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم، ورجع رسول الله، ، إلى المدينة وأمر بقبة من أدم فضربت على سعد في المسجد، قالت: فجاءه جبريل وإن على ثناياه لنقع الغبار، فقال: أو قد وضعت السلاح؟ لا، والله ما وضعت الملائكة بعد السلاح، اخرج إلى بنى قريظة فقاتلهم. قالت [٥]: فلبس رسول الله لأمته وأذن في الناس بالرحيل أن يخرجوا، [فخرج رسول الله، ] [٦]، فمر علي بني غَنم [٧] وهم جيران المسجد حوله، فقال: من مر بكم؟ قالوا: مر بنا دحية الكلبيّ - وكان دحية الكلبيّ تشبه لحيته وسنه ووجهه جبريل فأتاهم رسول الله، ، فحاصرهم خمسًا وعشرين ليلة، فلما اشتد حصارهم واشتد البلاء قيل لهم: انزلوا على حكم رسول الله، ، فاستشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر، فأشار إليهم أنه الذبح. قالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ [فقال رسول الله، : "انزلوا على حكم سعد بن معاذ". فنزلوا وبعث رسول الله، ، إلى سعد بن معاذ] [٨] فأتي به على حمارٍ عليه إكاف [٩] من ليف قد حُمل عليه، وحَفّ به قومه، فقالوا: يا أبا عمرو، حلفاؤك ومواليك وأهل النّكاية [١٠] ومن قد علمت. قالت: ولا يرجعُ إليهم شيئًا، ولا يلتفت إليهم، حتى إذا دنا من دورهم التفت إلى قومه فقال: قد آن لي أن لا أبالي في الله لومة لائم، قال: قال أبو سعيد: فلما طلع قال رسول الله، : "قوموا إلي سيدكم فأنزلوه". فقال عمر: سيدنا الله. قال: "أنزلوه". فأنزلوه، قال رسول الله، : "احكم فيهم". قال سعد: فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم، وتقسم أموالهم، فقال رسول الله، :


[١]- في ز، خ: "لي".
[٢]- في ز، خ: "المسبغة".
[٣]- في ز، خ: "فأصابت".
[٤]- رقأ الدم: سكن وجفَّ وانقطع بعد جريانه. والكلْم: الجرح.
[٥]- في ز، خ: "قال".
[٦]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.
[٧]- في خ، ز: "تميم".
[٨]- ما بين المعكوفتين سقط من: خ، ز.
[٩]- الإكاف: البرذعة التي توضع على ظهر الحمار.
[١٠]- في ز، خ: "الكتابة".