وروي مثلُه عن عليِّ بنِ أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - قال: نزل قولُه: {إِنْ خِفْتُمْ} بعدَ قوله: {أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ}[النساء:١٠١] بسنةٍ في غزوةِ بني أسَد حينَ صلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر، قال بعضهم: هَلاً شددتُم عليهم، وقد أمكنوكُم من ظُهورهم، فقالوا: بعدَها صلاةٌ هي أَحَبُّ إليهم من آبائِهم وأولادِهم، فنزل:{إِنْ خِفْتُمْ} إلى قوله: {عَذَابًا مُهِينًا}(٢)(٣)[النساء:١٠١ - ١٠٢].
وروي نحوهُ عَن ابنِ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما - أيضاً (٤).
- وذهب الجمهورُ من الصحابةِ وغيرِهم -رضيَ الله تعالى عنهم- إلى أن الشرطَ للتغليبِ، خرجَ على غالبِ الوجود، وأن المرادَ بالقصرِ التشطيرُ؛ فإن أسفارَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِه المواجَهين بالخطاب لا تنفكُّ عن الخوف
(١) هكذا ذكره البغوي في "تفسيره" (١/ ٤٧٢) عن أبي أيوب، لكن رواه الطبري في "التفسير" (٥/ ٢٤٤) عن أبي أيوب عن علي. قال ابن كثير: هذا سياق غريب جداً ولكن لبعضه شاهد. انظر: "تفسير ابن كثير" (١/ ٥٤٩). (٢) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٥/ ٢٤٤). (٣) ذكر هذا الأثر القرطبي بلفظ قريب وعزاه لابن رشد في "مقدمته" وابن عطية في "تفسيره"، وذكره الزمخشري وأبو حيان ولم يذكرا راويه. قلت: ولبعضه شواهد كما قال الزيلعي: رواه الطبري عن ابن عباس، وفي مسلم بعضه عن جابر، والترمذي والنسائي عن أبي هريرة. انظر: "الكشاف للزمخشري" (١/ ٦٤٨)، و"تخريج أحاديث الكشاف" للزيلعي (١/ ٣٨٨)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ٣٦٢)، و"البحر المحيط" لأبي حيان (٣/ ٣٥٣). (٤) رواه الطبري في "التفسير" (٥/ ٢٥٦)، والحاكم في "المستدرك" (٤٣٢٣).