ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحَديث الصحيحِ المشهور:"فيقولُ: لا دَرَيْتَ ولا تليتَ"(٢) وأصلُه: تَلَوْتَ.
ومنهُ قولُهم: عندي ما سَاءَه ونَاءَهُ، أي أَنَاءَهُ، ومعناه: أثقَلَهُ.
وقولهم في الدعاء: لا ذَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ، وأصلُه: أَتليْتَ، ومعناهُ: لا نما له بالذُّرِّيَّةِ، ولا عاش حتى تتلوَ البناتُ الأُمهات.
وذكر بعض أهل العلم أن الصحابة -رضيَ اللهُ تعالى عنهم- استعملوا المُحاذاة في رَسْمِ المُصْحَف، فكتبوا:{وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}[الضحى: ٢] بالياء، وهو من ذَواتِ الواوِ، وقُرِنَ بغيرِهِ من ذَواتِ الياء، ومنْ هذا النوعِ قوله تعالى:{لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ}[النمل: ٢١] فاللَّامان لاما قسَمٍ، ثم قال:{أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ}[النمل: ٢١] وليسَ هوَ قَسَماً، بلْ هُوَ عُذرٌ للهُدْهُدِ، لكنهُ لَمّا أتى به على أَثَرِ ما يجوزُ فيه القَسَمُ، أجراه مُجْراهُ. وقولُه تعالى:{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ}[النساء: ٩٠].
السابعُ: أن يُسمَّى الشيءُ باسمِ (٣) ما يَؤُولُ إليهِ: كقولِ اللهِ: {إِنَّ الَّذِينَ
(١) هنأني ومرَّأني: الهنيء من الطعام: السائغ، والمريء منه الطيب السائغ، يقال أكلتُ الطعام هنيئًا مريئاً، أي: طيباً لذيذاً سائغًا بلا مشقة. انظر: "الإتباع والمزاوجة" لابن فارس (ص: ١٣١). (٢) رواه البخاري (١٢٧٣)، كتاب: الجنائز، باب: الميت يسمع خفق النعال، عن أنس بن مالك بلفظ: "فيقال: لا دريت ولا تليت"، ورواه الإِمام أحمد في "المسند" (٣/ ٣) عن أبي سعيد الخدري، باللفظ الذي ساقه المؤلف. (٣) "باسم" ليس في "ب".