الطلاق (١)، احتياطًا (٢). ولعله استأنسَ بتعقيب ذكر الخِطْبة بعد ذكر عدتهنَّ.
قلت: دلَّني في المبتوتة ما رويناه في "الصحيحين": أن فاطمةَ بنتَ قيسٍ طلقها زوجُها عمرُ بنُ حفصٍ البْتَّةَ، وهو غائبٌ، فأرسلَ إليها وكيلُه بشعيرٍ، فَسَخِطَتْهُ، فقال: واللهِ مالكِ علينا من شيء، فجاءت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت ذلك له، فقال:"ليسَ لكِ عليهِ نفقة"، فأمرها أن تعتدَّ في بيتِ أم شريكٍ، ثم قال:"تلك امرأةٌ يغشاها أصحابي، اعتدِّي عندَ ابنِ أمِّ مَكْتومٍ، فإنه رجلٌ أعمى، تضعينَ ثيابَكِ عنده، فإذا حَلَلْتِ فآذِنيني"، قالت: فلما حللتُ، ذكرتُ له أن معاوية بن أبي سفيان، وأبا جَهْمٍ، خَطَباني، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما أبو جَهْمٍ، فلا يَضَعُ عَصاهُ عن عاتِقِه، وأما معاويةُ فصُعْلوكٌ لا مالَ لهُ، انكِحي أسامةَ بنَ زيدٍ"، فكرهته، ثم قال:"انْكِحي أُسامَةَ"، فنكحتُه، فجعل الله فيه خيرًا، فاغتبطتُ (٣)(٤).
* وأما البائنُ فالقياسُ على المَبْتوتَةِ (٥)، لانقطاع عصمة النكاح منها.
وبهذا قال الشافعيُّ في أَصَحِّ قَوْلَيهِ (٦).
(١) أي: الَّذي لا يملك فيه الرجعة، كما في "الأم" (٥/ ٤٠). (٢) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٥/ ٣٩ - ٤٠). (٣) في "ب": "فاغتبطت به". (٤) رواه مسلم (١٤٨٠)، كتاب: الطلاق، باب: المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها، عن فاطمة بنت قيس. (٥) البائن: من انتهت عدتها بطلقة أو طلقتين، أو المخالعة، ويحل للزوج نكاحها بعقد جديد. أما المبتوتة: فهي من بتَّ الزوج - أي: قطع - نكاحها منه، وهي المطلقة ثلاثًا. (٦) وهذا هو المعتمد عند الشافعية، وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة. انظر: "الهداية" للمرغيناني (٢/ ٦٣١)، و"التفريع" لابن الجلاب (٢/ ٥٩)، =