روينا في "صحيح البخاري" عن أبي إسحاق قال: سمعتُ البراءَ يقولُ: لما نزلَ صومُ رمضانَ، كانوا لا يقربون النساءَ رمضانَ كُلَّه، فكانَ رجالٌ يخونونَ أنفسَهُم، أنزل اللهُ عزَّ وجَلَّ:{عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ}(١) الآية [البقرة: ١٨٧]، وهي -أيضاً- مع ذلك ناسخة.
واختلفوا في المنسوخ بها.
فقيلَ: صومُ يومِ عاشوراء، روي في "صحيحِ البخاري"، عن عائشةَ -رضيَ اللهُ عنها- قالت: كانَ يومُ عاشوارءَ تصومُهُ قريشٌ في الجاهِلِيَّةِ، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصومُهُ، فلما قدمَ المدينةَ صامَهُ، وأمرَ بصيامِهِ، فلما نزلَ رمضانُ، كان رمضانُ الفريضَةَ، وترك عاشوراء، فمنْ شاءَ صامَ، ومن شاءَ لم يَصُمْهُ (٢).
- وقيل: المنسوخُ بها صومُ ثلاثةِ أيامٍ منْ كلِّ شهرٍ، كانَ أمرَ بهِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في أولِ قدومِهِ المدينةَ (٤)، ورويَ عنِ ابنِ عباسٍ ومُعاذٍ، رضيَ اللهُ تعالى عنهم (٥).
(١) رواه البخاري (٤٢٣٨)، كتاب: التفسير، باب: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ...}. (٢) رواه البخاري (١٨٩٨)، كتاب: الصوم، باب: صيام يوم عاشوراء. (٣) وانظر: "تفسير ابن كثير" (١/ ٣٧٨). (٤) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٢/ ١٣٣)، عن عمرو بن مرة. (٥) وكذا روي عن ابن مسعود رضي الله عنه، وهو قول عطاء، وقتادة، والضحاك. انظر: "تفسير الطبري" (٢/ ١٣٠)، و"أحكام القرآن" للجصاص (١/ ٢١٥)، و"تفسير الرازي" (٣/ ٧٨)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٢٥٧)، و"تفسير ابن كثير" (١/ ٣٧٦).