"إذا اسْتَأْذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلاثاً، فلم يُؤذَنْ لَهُ، فَلْيَرْجِعْ"(١).
* وبينَ - صلى الله عليه وسلم - علَّةَ الاستئذانِ:
فروى البخاريُّ عن سَهْلِ بنِ سَعْدٍ قالَ: اطَّلَعَ رجلٌ من جُحْرٍ إلى حُجْرَة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ومعَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِدْرًى (٢) يحكُّ بهِ رأسَهُ، فقال:"لو أعلمُ أنكَ تنظرُ لَطَعَنْتُ بهِ في عَيْنِك، إنَّما جُعِلَ الاستِئْذانُ من أَجْلِ البَصَرِ"(٣)، فكلُّ من يحرُم على الرجلِ أن ينظرَ إلى عورته يجبُ عليهِ الاستئذانُ، وإن كانَ أباهُ وأمَّهُ.
* واختلف السَّلَفُ هَلْ يُقَدَّمُ الاستئذانُ على السَّلامِ، أو يقدَّمُ السلامُ على الاستئذان؟
فقال قومٌ: يقدمُ الاستئذانُ؛ كما وردَ في القرآنِ (٤)، والاستئناسُ هو الاستئذانُ، وكان ابنُ عباسِ -رضيَ الله تعالى عنهما - يقرأ:(حَتّى تستأذنوا)(٥)، وأما ما رُوي عنه أنه قالَ: أخطأَ الكاتبُ، إنما هو
(١) رواه البخاري (٥٨٩١)، كتاب: الاستئذان، باب: التسليم والاستئذان ثلاثاً، ومسلم (٢١٥٣)، كتاب: الآداب، باب: الاستئذان، عن أبي سعيد الخدري. (٢) مِدْرى: المِدراة: حديدة يسرح بها الشعر، وقد درت شعرها درى. "الفائق في غريب الحديث" للزمخشري (١/ ٤٢١). (٣) رواه البخاري (٥٨٨٧)، كتاب: الاستئذان، باب: الاستئذان من أجل البصر، ومسلم (٢١٥٦)، كتاب: الآداب، باب: تحريم النظر في بيت غيره. (٤) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٤/ ١٤٦)، و"المجموع" للنووي (٤/ ٥١١). (٥) قرأ بها ابن عباس، وابن مسعود، وأُبي، وسعيد بن جبير. انظر: "تفسير الطبري" (١٨/ ٨٧)، و"الكشاف" للزمخشري (٣/ ٥٩)، و"المحتسب" لابن جني (٢/ ١٠٧)، و"تفسير الرازي" (٢٣/ ١٩٦)، و"تفسير القرطبي" (١٢/ ٢١٣)، و"البحر المحيط" لأبي حيان (٦/ ٤٤٥). وانظر: "معجم القراءات القرآنية" (٤/ ٢٤٦).