وذهبَ فقهاءُ العراقِ والكوفةِ وأكثرِ أهلِ البَصرَةِ إلى التَّفرِقَةِ بينَ المُسْكِرِ وغيرِه، وأنَّ اسمَ الخمر ليسَ بواقع عليه (٣).
فاحتجَّ الأَوَّلونَ للتَّحريمِ بما رواهُ أبو داودَ والترْمِذِيُّ والنَّسائِيُّ عن جابر -رضيَ اللهُ تعالى عنه-: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"ما أَسْكَرَ كثيرُهُ، فقليلُهُ حَرام"(٤)، وهذا نصٌّ في مَحَل الخِلاف.
واحتجُّوا لوقوعِ اسمِ الخمرِ عليه باللُّغَةِ والشَّرعِ.
- أما اللغةُ، فإنه شرابٌ يُخامِرُ العقلَ، ولهذا قالَ عمرُ -رضيَ اللهُ تعالى عنه-: والخمرُ ما خامَرَ العقل.
(١) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٤/ ١٦٦)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٨/ ٢٤)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٣٤٥). (٢) انظر: "الإجماع" لابن المنذر (ص: ٦٤، ١١١). (٣) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٤/ ١٢٣)، و "المبسوط" للسرخسي (٢٤/ ١٣). (٤) رواه أبو داود (٣٦٨١)، كتاب: الأشربة، باب: النهي عن المسكر، والترمذي (١٨٦٥)، كتاب: الأشربة، باب: ما جاء: ما أسكر كثيره فقليله حرام، وابن ماجه (٣٣٩٣)، كتاب: الأشربة، باب: ما أسكر كثيره فقليله حرام. وقد رواه النسائي (٥٦٠٧)، كتاب: الأشربة، باب: تحريم كل شراب أسكر كثيره، لكن عن عبد الله بن عمرو بن العاص.