(أن يستعمل مسروقًا) أي: يجعله عاملًا (فقال له عمارة بن عقبة: أتستعمل رجلًا) الذي هو (من بقايا قتلة) جمع قاتل (عثمان؟ فقال له) أي لعمارة (مسروق: ثنا عبد الله بن مسعود- وكان في أنفسنا موثوق الحديث- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أراد قتل أبيك) أي: عقبة بن أبي معيط (٢)(قال) أبوك عقبة: (من للصبية؟ ) جمع الصبي، وهو من لم يفطم بعد، أي: من يتكفلهم؟ (قال) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (النار) أي: تتكفلهم النار (قال) أي مسروق: (فقد رضيت لك (٣) ما رضي لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).
قال القاري (٤): يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون النار عبارة عن الضياع، يعني: إن صلحت النار أن تكون كافلة فهي هي، وثانيهما: أن الجواب من الأسلوب الحكيم، أي: لك النار، والمعنى اهتم بشأن نفسك، وما هيء لك من النار، ودع عنك أمر الصبية، فإن كافلهم هو الله الذي {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}(٥)، وهذا هو الوجه، ذكره الطيبي، والأظهر أن الأول هو الوجه، فإنه لو أريد هذا المعنى لقال:"الله" بدل "النار".
قلت: ويؤيده أيضًا استدلال مسروق على عمارة بقوله: "رضيت لك ما رضي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، ولا دليل يدل على صرفه عن الظاهر، فإنه يحتمل أن
(١) زاد في نسخة: "أخو الوليد بن عقبة". (٢) وقد قتل صبرًا يوم بدر، كما بسط الروايات في ذلك السيوطي في "الدر المنثور" (٤/ ٣٤). (ش). (٣) قال صاحب "العون" (٧/ ٣٥٠): كأن مسروقًا طعن عمارة في مقابلة طعنه إياه مكافأة له. (٤) "مرقاة المفاتيح" (٧/ ٥٢٧). (٥) سورة هود: الآية ٦.