قلت:"رويدك زيدًا"، مُعديًا له إلى مفعولَيْن: أحدُهما مضمرٌ، وهو الكاف، والآخر ظاهرٌ، وهو"زيد". ولو جاز ذلك، لجاز "رويد زيدًا خالدًا"، ولا نعلم أحدًا قاله. ولو كانت منصوبة أيضًا، لجاز أن تقول:"رويدك نفسَك"، إذا أردت تأكيد الكاف، وكذلك لو كانت مجرورة، لجاز أن تقول:"رويدك نفسِك" على أنه تأكيدٌ، ولا يُسمع مثلُ ذلك.
* * *
قال صاحب الكتاب: وهو فيما عداه مُعْرَبٌ، وذلك أن يقع صفة، كقولك:"ساروا سيرًا رُوَيْدًا"، و"ضَعْه وَضْعًا رويدًا"، وقولِك للرجل يُعالِج شيئًا:"رويدًا"، أي: عِلاجًا رويدًا، وحالًا، كقولك:"ساروا رويدًا" ومصدرًا في معنَى "إروادٍ" مضافًا، كقولك:"رويدَ زيدِ"، وسُمع بعضُ العرب:"رويدَ نفسِه"، جَعَلَه مصدرًا كـ"ضَرْبَ الرِّقابِ".
* * *
قال الشارح: الموضع الثاني من مواضعِ "رُوَيْدَ" أن تكون صفة، نحوَ قولك:"ساروا سيرًا رويدًا". وتكون معربةً مصدرًا وُصف به على حدّ قولهم:"رجل عَدْلٌ"، و"ماءٌ غَوْرٌ"، ويكون أصلُه "إرْوادًا"، ألَّا أنّه صُغّر بحذفِ زوائده، كما قالوا في "أسْوَدَ": سُوَيْدٌ، وفي "أزْهَرَ": "زُهَيْرٌ". ويجوز أن يكون تصغيرَ "مُرْوَدٍ" أو"مَرْوَدٍ"، فحذفوا الزوائدَ.
الموضع الثالث: أن يكون حالًا، ويكون معربًا أيضًا، نحوَ قولهم:"ساروا رويدًا"، أي: مُرْوِدِينَ. إذا ذكرت المصدرَ، كان صفة له، وإذا لم تذكره، كان حالًا لضُعْفِ حذفِ الموصوف، وإقامةِ الصفة مُقامه. ويجوز أن يكون المراد: ساروا سيرًا رويدًا, ثم حذف الموصوف وأُقيمت الصفة مقامه, وهو ضعيف.
والموضع الرابع: أن يكون مصدرًا بمعنَى "إرْوادٍ"، ويكون معربًا، فتقول:"رويدًا زيدًا"، بمعنَى:"أرْوِدْ زيدًا إروادًا"، فحُذف الفعل، وأُقيم المصدر مُقامه، كما قالوا:"سَقْيًا ورَعْيًا"، والمراد: سَقاك اللهُ، ورَعاك اللهُ.
وقد يُضاف إلى المفعول، فيقال:"رُوَيْدَ زيدٍ"، كما قال:{فَضَرْبَ الرِّقَابِ}(١)، فهو باقٍ على مصدريته غيرَ مسمى به، ولا مُغيرٍ عن جهته. قال الشاعر [من الطويل]:
٥٤١ - رُوَيْدًا بني شَيْبانَ بَعْضَ وَعِيدِكُمْ ... تُلاقوا غَدًا خَيْلِي على سَفَوانِ
(١) محمَّد:٤. ٥٤١ - التخريج: البيت لوداك بن ثميل المازني في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٢٧؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٣٢١؛ وله أو لابن سنان بن ثميل المازني في شرح شواهد المغني ٢/ ٨٥٣؛ ومعجم ما استعجم ص ٧٤٠؛ وبلا نسبة في لسان العرب ٣/ ١٩٠ (رود)؛ والمحتسب ١/ ١٥٠. اللغة: سفوان: اسم موضع.