ذلك آية لهم يُعرفون بها، لما كان من أمرهم في تحريق عمرو بن هندٍ لهم، ووُفودِ البُرجُمي عليه، ثم شَمّ رائحةَ المُحْرَقين فظَنهم طعامًا يُصنع، فقُذف به إلى النار. والبَراجمُ حَىٌّ من تميم، وخبرُهم مشهور، وذلك أن عمرو بن هندٍ كان نَذرَ أن يُحرق مائةَ رجل من بني دارِم، بسَببِ قَتلهم أخا له، فأحرق تسعة وتسعين رجلًا من بني دارم، وأراد أن يُكمّل مائة، فلم يَجِد، فوَفدَ عليه رجل، فقال له عمرو: ما جاء بك؟ فقال: حُبُّ الطعام، قد أقويتُ الآنَ ثلاثًا، لم أَذُقْ طعامًا، ولما سطع الدُّخانُ ظننتُها نارَ طعام. فقال له عمرو: مِمن أنت؟ فقال: من البَراجِم. فقال [من الرجز]:
إن الشقِى وافِدُ البَراجِمِ (١)
فذهبتْ مَثَلًا، ورُمي به إلى النار. قال أبو عُبَيدَةَ: خمسة من أولادِ حَنظلَةَ بن مالك بن عمرو بن تميبم يقال لهم: البَراجِمُ، ودارِمٌ من أولادِ حنظلةَ.
وأما قولهم:"اذهَب بذِي تَسلَمُ"، فمعناه: بذي سلامتِك، فهو من إضافةِ المسمى إلى الاسم، فكأنه قال:"اذهب بسلامتك"، فنزل الفعل منزلة المصدر على حد قوله [من الوافر]:
فقالوا ما تَشاءُ فقلتُ ألهُو ... [إلي الإصْباحِ آثِرَ ذي أثيرِ](٢)
وتد ذكر بعضُ العلماء أن "ذي" هنا بمعنى "الذي"، كأنه قال:"اذهب بالذي تَسْلَمُ"، والهاء محذوفةٌ، وهو مصدرٌ، كأنّه قال: بالسلامة الذي تَسلَمُه، وذَكر لأنه أراد السلامَ، وإن لم يَستعمِل فاعرفه.
[فصل [الفصل بين المضاف والمضاف اليه]]
قال صاحب الكتاب: ويجوز الفَصْل ببن المضاف والمضاف إليه بالظرف في الشعر، من ذلك قول عمرو بن قَمِيئة [من السريع]: