قال صاحب الكتاب: و"افْعَوْعَلَ" بناء مبالغة وتوكيد, فـ "اخشوشن", و"اعشوشبت الأرض", و"احلولى الشيء" مبالغات في "خشن", و"أعشبت" و"حلا". قال الخليل (١) في "اعشوشبت": إنما يريد أن يجعل ذلك عاماً قد بالغ.
* * *
قال الشارح: أمّا "افْعَالَّ"، فأكثرُ ما يكون في الألوان، نحوِ:"اشْهَابَّ"، و"ابياضَّ". ولا يكون متعدّيًا. وهو، إذا لم يُدَّغم، بزنةِ "استفعل" في حركاته وسكناته، وقد يُقصَّر "افْعَالَّ" لطوله، فيرجع إلى "افْعَلَّ". قال سيبويه: وليس شيء يُقال فيه "افعالّ"، إلَّا ويُقال فيه "افعلّ"؛ إلَّا أنه قد تقلّ إحدى اللغتين في الكلمة، وتكثر في الأخُرى، فقولهم:"ابيض"، و"احمرّ"، و"اصفرّ"، و"اخضرّ" أكثر من "ابياضّ"، و"احمارّ"، و"اصفارّ"، و"اخضارّ". وقوله:"اشهابّ" و"ادهامَّ"، أكثر من "اشهبّ"، و"ادهمّ".
وقد يأتي "افعالّ" في غير الألوان، قالوا:"اقْطارَّ النبتُ" إذا وَلَّىِ وأخذ يَجِفُّ، و"ابِهارّ الليلُ" إذا أظْلَمَ. وقد يأتي الألوان على "فَعُلَ"، قال:"أدُمَ، يأدُمُ"، وَ"شَهُبَ، يَشْهُبُ" وَ"قَهِبُ، يَقْهَبُ"، وهو سوادٌ يضرب إلى حمرة. وقالوا:"كَهُبَ، يَكهُبُ"، و"سَوِدَ يَسْوَدُ". قال نُصَيْبٌ [من الطويل]:
وربَّما ضمّوا ذلك جميعَه. وذكر بعض النحويين أن "فَعُلَ" مخفّف عن "افْعَالَّ"، واستدلّ على ذلك بتصحيح العين، نحوِ:"عَوِرَ"، و"حَوِل". قال: صحّت الواو هنا حيث صحّت في "اعوارّ"، إذ كان هو الأصل.
وأمّا "افعَوْعل"، فبناء موضوع للمبالغة، قالوا:"خشُن المكان" إذا حزُن. فإذا أرادوا المبالغة والتوكيد؛ قالوا:"اخشَوْشَنَ". وقالوا:" أعْشَبَتِ الأرضُ"، فإذا أرادوا العموم والكثرة، قالوا:"اعْشَوْشَبَتْ" لِما فيه من تكرير العين، وزيادة الواو، فمعنى "خشن"، و"أَعشب" دون معنى "اخشوشن"، و"اعشوشب". وقوّةُ اللفظ مؤذنةٌ بقوة المعنى، إذ الألفاظ قَوالب المعاني. وقد جاء متعدّيًا، قالوا "احْلَوْلَيْتُه"، أي: استطيَبْتُه، قال حُمَيْد [من الطويل]:
١٠٦٣ - فلمّا مضى عامان بعد انفصاله ... عن الضَرْع واحْلَوْلَى دِماثًا يَرُودُها
(١) الكتاب ٤/ ٧٥. (٢) تقدم بالرقم ١٠٦٠. ١٠٦٣ - التخريج: البيت لحميد بن ثور في ديوانه ص ٧٣؛ وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٣٦٥؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٦١٧؛ ولسان العرب ١٤/ ١٩١ (حلا)؛ والمحتسب ١/ ٣١٩؛ وبلا نسبة في أدب =