مقتضى اللفظ فيها، وعليه المعنى، والقاطعُ في هذا قوله تعالى:{فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ}(١)، وقد فعلوا الذبحَ بلا رَيبٍ. فأما قول ذي الرُّمّة [من الطويل]:
إذا غيّر النأي المحبّين ... إلخ
فقد قيل: إنه لمّا أنشده، أُنكر عليه، وقيل له:"فقد برح حُبّها"، فغَيَّرَه إلى قوله:"لم أجِدْ رسيسَ الهوى"، وعليه أكثرُ الرُّوَاة. وإن صحّت الرواية الأُولى، فصحّتُها مَحْمَلُها على زيادةِ "يكاد"، والمعنى: لم يبرح رسيسُ الهوى من حبّ ميّة. فهذا عليه أكثر الكوفيين، والشاعرُ لا يتقيّد بمذهب دون مذهب. ومثله قوله [من الكامل]:
وتكاد تَكْسَلُ أن تجيءَ فِراشَها (٢)
"تكاد" فيه زائدة، فاعرفه.
[فصل [استعمال "أوشك"]]
قال صاحب الكتاب: ومنها "أوشك" يستعمل استعمال عسى في مذهبيها، واستعمال "كاد". تقول:"يوشك زيد أن يجيء"، و"يوشك أن يجيء زيد"، و"يوشك زيد يجيء". قال [من المنسرح]:
١٠٣٧ - يُوشك من فرَّ من منيته ... في بعض غراته يوافقها
* * *
(١) البقرة: ٧١. (٢) تقدم بالرقم ١٠٣٤. ١٠٣٧ - التخريج: البيت لأميّة بن أبي الصلت في ديوانه ص ٤٢؛ وشرح أبيات سيبويه ٢/ ١٦٧؛ وشرح التصريح ١/ ٢٠٧؛ والعقد الفريد ٣/ ١٨٧؛ والكتاب ٣/ ١٦١؛ ولسان العرب ٦/ ٣٢ (بيس)، ١٨٨ (كأس)؛ والمقاصد النحويَّة ٢/ ١٨٧؛ ولعمران بن حطان في ديوانه ص ١٢٣؛ ولأمية أو لرجل من الخوارج في تخليص الشواهد ص ٣٢٣؛ والدرر ٢/ ١٣٦؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك ١/ ٣١٣؛ وشرح ابن عقيل ص ١٦٨؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٨١٨؛ والمقرب ١/ ٩٨؛ وهمع الهوامع ١/ ١٢٩، ١٣٠. اللغة: المنيّة: الموت. الغرّات: ج الغرّة، وهي الغفلة. يوافقها: يصادفها. المعنى: إنّ الذي يفرّ من ساح المعارك طمعًا بالنجاة، فإنّ الموت لا بدّ ملاقيه في غفلة من غفلاته. وبمعنى آخر: إن الإنسان مصيره إلى الهلاك لا محالة. الإعراب: "يوشك": فعل مضارع ناقص مرفوع. "من": اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع اسم "يوشك". "فرّ": فعل ماضٍ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره هو. "من منيّته": جارّ ومجرور متعلّقان بـ "فرّ"، وهو مضاف، والهاء: ضمير متصل مبني في محلّ جرّ بالإضافة. "في بعض": جارّ ومجرور متعلّقان بـ"يوافقها"، وهو مضاف. "غراته": مضاف إليه مجرور، وهو مضاف، والهاء: ضمير متصل مبني في محلّ جرّ بالإضافة. "يوافقها": فعل مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر فيه =