الصفةُ والموصوف كالشيء الواحد. فعلى هذا تقول:"مررت بزيدٍ هذا"، فيكون "هذا" نعتًا لزيد. هذا على مذهبِ من يرى أن "هذا" أنقصُ من العَلَم، ومَن جعل "هذا" أخصَّ من العلم جعله بَدَلًا، لا نعتًا، وتقول:"جاءني هذا الرجلُ"، فتصفُ "هذا" بما فيه الألفُ واللام؛ لأنّ ما فيه الألفُ واللام أنقصُ تعريفًا من أسماء الإشارة. ولو قلت:"مررت بالرجل هذا"، فتصف ما فيه الألفُ واللام باسم الإشارة، لم يجز؛ لأنّ الاسم لا يوصَف بما هو أَتَمُّ تعريفًا منه، فإن جعلتَه بدلاً أو عطفَ بيانٍ، جاز، فاعرفه.
[فصل [حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامة]]
قال صاحب الكتاب: وحق الصفة ان تصحب الوصوف إلا إذ ظهر أمره ظهورًا يُستغنى معه عن ذكره, فحينئذ يجوز تركه, وإقامة الصفة مقامه كقوله [من الكامل]:
٤٢٠ - وعليهما مسرودتان قضاهما ... داود أو صنع السوابغ تُبع
وقوله [من البسيط]:
٤٢١ - رباء شماء لا يأوي لقلتها ... إلا السحاب وإلا الأوب والسبل
٤٢٠ - التخريج: البيت لأبي ذؤيب في شرح أشعار الهذليين ١/ ٣٩؛ وسرّ صناعة الإعراب ٢/ ٧٦٠؛ ولسان العرب ٨/ ٣١ (تبع)، ٨/ ٢٠٩ (صنع)، ١٥/ ١٨٦ (قضى)؛ والمعاني الكبير ص ١٠٣٩. اللغة: المسرودة: الدرع المنسوجة. قضاهما: صنعهما. داود: النبي داود عليه السلام، عرف عنه إحكامه نسج الدروع. السوابغ: جمع السابغة، وهي الدرع الضافية الواسعة. تبع: لقب ملك اليمن. الصَّنَع: الذي يحسن الصنع بيديه. المعنى: يصف بطلين عليهما درعان محكمتا محكمتي النسج كأن داود نسجهما، فاخرتا النوع كأن ملك اليمن تفضّل بصنعهما. الإعراب: "وعليهما": الواو: بحسب ما قبلها، و"عليهما": جار ومجرور متعلقان بخبر مقدم محذوف. "مسرودتان": مبتدأ مؤخر مرفوع بالألف لأنه مثنى."قضاهما": فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر، و"همام": ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به "داود": فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة. "أو": حرف عطف. "صنع": معطوف على "داود" مرفوع بالضمة الظاهرة. وهو مضاف "السوابغ": مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. "تبع": بدل من "صنع" مرفوع بالضمة الظاهرة. وجملة "عليهما مسرودتان": بحسب الواو. وجملة "قضاهما داود": في محل رفع صفة لـ "مسرودتان". والشاهد فيه قوله: "عليهما مسرودتان" حيث حذف الموصوف وأقام الصفة مقامه، والتقدير: "عليهما درعان مسرودتان". وكذلك "صنع السوابغ". وهذا الحذف لا يكون إلَّا مع قرينة تدل على الموصوف، كأن تغلب الصفة على الموصوف حتى يُعرفَ بها وإن لم يُذْكر معها. ٤٢١ - التخريج: البيت للمتنخّل الهذلي في خزانة الأدب ٥/ ٣، ٧؛ وشرح أشعار الهذليين ٣/ ١٢٨٥؛ =