الحِسْبان بمعنى العلم، و"أن" المخفّفة من الثقيلة العاملة في الأسماء، و"لا" عوضٌ من الذاهب، والتقديرُ: وحسبوا أنَّهُ لا تكون فتنة. والنصب على الشكّ بإجرائه مجرى الخوف، و"أن" العاملة في الفعل النصبَ.
فصل ["إنّ" بمعني "أجلْ" و"أنّ" بمعني "لعلَّ"]
قال صاحب الكتاب: وتخرج "إن" المكسورة إلى معنى "أجل". قال [من مجزوء الكامل]:
ويقُلنَ: شيبٌ قد علا ... ك وقد كبرت, فقلت: إنه (١)
وفي حديث عبد الله بن الزبير:"إن وراكبها"(٢). وتخرج المفتوحة إلى معنى "لعل", كقولهم:"إيت السُّوق أنك تشتري لحماً", وتبدل قيس وتميمٌ همزتها عيناً, فتقول:"أشهد عن محمداً رسول الله".
* * *
قال الشارح: وقد تستعمل "إنَّ" في الجواب بمعنى "أجَلْ"، فتقول في جوابِ من قال:"أجاءك زيدٌ": "إنَّهْ"، أي: نَعَمْ قد جاءني. والهاء للسكت أُتي بها لبيان الحركة، وليست ضميرًا، إنما تريد:"إنَّ"، إلَّا أنّك ألحقتَها الهاء في الوقف، والمعنى بمعنى "أجَلْ". والذي يدلّ على ذلك أنّها لو كانت للإضمار، لَثبتت في الوصل كما تثبت في الوقف، وأنت إنما تقول:"إنَّ يا فَتى"، كما تقول:"أجَلْ يا فتى"، فأما قوله [من مجزوء الكامل]:
ويقلن شيب (٣) ... إلخ
وقبله:
بَكَرَ العَواذِلُ في الصَّبُو ... ح يَلُمْنَني وألومُهُنَّهْ
ويروى:
بكرتْ عليّ عَواذلي ... يَلْحِيْنَني وألومُهُنّهْ
فالشعر لابن قيس الرُّقَيّات، والشاهد فيه قوله:"إنَّهْ" بإلحاق الهاء محافَظة على
= انظر: البحر المحيط ٣/ ٥٣٣؛ وتفسير القرطبي ٦/ ٢٤٧؛ والكشاف ١/ ٣٥٥؛ والنشر في القراءات العشر ٢/ ٢٥٥؛ ومعجم القراءات القرآنية ٢/ ٢٣١. (١) تقدم بالرقم ٤٧٧. (٢) راجع قصة هذا القول في فصل "لا" النافية للجنس في هذا الكتاب. (٣) تقدم بالرقم ٤٧٧.