أضافوا اسم الفاعل إلى الليلة كما تقول:"يا ضاربَ زيدٍ" فإذا أضفت لا يكون إلّا مفعولًا على السعة، وإذا قلت:"سَرَقَ عبدُ الله الليلةَ أهلَ الدار" جاز أن يكون ظرفًا، وجاز أن يكون مفعولًا على السعة. ومنه قوله تعالى:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}(١)، فـ "يوم الدين" ظرفٌ جُعل مفعولًا على السعة، ولذلك أُضيف إليه. ومثله قول الشاعر [من الرجز]:
جعله مفعولًا به حين أضاف إليه، ورُبّما نصبوا هنا الظرفَ وخفضوا الزاد، ويفصِلون بين المضاف، والمضاف إليه بالظرف على حدّ قوله [من السريع]:
لِلَّهِ دَرُّ اليومَ مَن لامَها (٢)
وهذا الفصل إنّما يحسُن في الشعر، وهو قبيحٌ في الكلام - وأمّا قوله تعالى:{بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}(٣)، فإنّه أضاف المصدر إليهما، ويحتمِل ذلك أمرَيْن: أحدُهما أن يكون على إضافة المصدر إلى المفعول على حدّ قوله تعالى: {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ}(٤). والمعنى: بسُؤاله نعجتك، فيكون التقدير: بل مكركم الليلَ والنهار، جعلهما مفعولَيْن على السعة، ثمّ أضاف إليهما. والأمر الثاني أن يكون جَعَلَ المكرَ لهما، لأنّه يكون فيهما كما يقال:"لَيْلٌ نائمٌ، ونهارٌ صائمٌ". جُعل ذلك لهما لحدوثه فيهما، فيكون
(١) الفاتحة: ٤. ٢٦٠ - التخريج: الرجز للشماخ في ديوانه ص ٣٨٩؛ ولجبار بن جزء في خزانة الأدب ٤/ ٢٣٣، ٢٣٥ - ٢٣٧، ٢٣٩، ٨/ ٢١٢، ٢١٣؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ١٣؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ١٦٧؛ وبلا نسبة في لسان العرب ١١/ ٤٤٧ (عسل)؛ ومجالس ثعلب ١/ ١٥٢. اللغة: المشمعل: الجاد في أمره الماضي فيه. الكبرى: النعاس. الكسل: الكسلان. الإعراب: "رب": حرف جر شبيه بالزائد. "ابن": اسم مجرور لفظًا مرفوع محلًا على أنه مبتدأ. "عم": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "لسليمى": جار ومجرور بالكسرة المقدرة متعلقان بصفة بـ "ابن" أو "عم". "مُشْمعل": صفة مجرورة لابن علي اللفظ، أو مرفوعة على المحلّ. "طباخ": صفة ثانية مجرورة وهو مضاف. "ساعات": مضاف إليه مجرور بالكسرة، وهو مضاف. "الكرى": مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة. "زاد": مفعول به لِـ "طباخ"، وهو مضاف "الكسل": مضاف إليه مجرور بالكسرة، وسكّن لضرورة الشعر. وجملة "رب ابن عم لسليمى": مع الخبر المحذوف: ابتدائية لا محل لها من الإعراب. والشاهد فيه قوله: "طباخ ساعات الكرى زاد الكسل" حيث أضاف "طباخ" إلى "ساعات" على تشبيهه بالمفعول به. (٢) تقدم بالرقم ١٤٣. (٣) سبأ: ٣٣. (٤) ص: ٢٤.