قال الشارح: اعلم أن الفاعل قد يُذْكَر، وفعلُه الرافعُ له محذوفٌ لأمر يدلّ عليه، وذلك أنّ الإنسان قد يرى مضروبًا أو مقتولًا، ولا يعلم مَن أوقعَ به ذلك الفعلَ من الضرب أو القتلِ، وكلُّ واحد منهما يقتضي فاعلًا في الجملة، فيَسْأل عن الفاعل، فيقول:"مَن ضَرَبَهُ؟ " أو: "من قتله؟ " فيقول المسؤولُ: "زيدٌ"، أو:"عمرٌو"، يريد: ضَرَبَهُ زيدٌ، أو قتله عمرٌو، فيرتفع الاسمُ بذلك الفعل المقدَّر، وإن لم يُنْطَق به, لأنّ السائل لم يشُكّ في الفعل، وإنما يشكّ في فاعله، ولو أظهره فقال:"ضربه زيدٌ"، لكان أجودَ شيءٍ، وصار ذكرُ الفعل كالتأكيد.
ومن ذلك قوله تعالى:{يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ}(١) بفتح الباء في قراءةِ عاصم وابن عامر. وذلك أنَّه بناه لِمَا لم يسمَّ فاعلُه، فأقام الجارَّ والمجرورَ بعده مقامَ الفاعل، ثمّ فسّر مَن يُسبِّح على تقديرِ سؤالِ سائل:"من يُسبِّحه"؟ فقال:"رجالٌ"، أبي: يُسبِّح له رجالٌ، فرفع "رجالًا" بهذا الفعل المضمر الذي يدلّ عليه "يُسبَّح", لأنّه لمّا قال:"يسبَّح له"، دلّ أنّ ثمَّّ مسبِّحًا ..