أضحى جليدُها، أي: دخل جليدها في وقت الضحى. يريد أنه طال مَكْثُه لشدّة البرد، ولم يَذُبْ عند ارتفاع النهار. والجليد: ما جمد من النَّدى.
* * *
قال صاحب الكتاب: والثالث أن يكون بمعنى "صار", كقولك:"أصبح زيد غنياً وأمسى فقيراً". وقال عدي [من الخفيف]:
١٠٢١ - ثم أضحوا كأنهم ورقٌ جفف ... فألوت به الصبا والدبور
* * *
قال الشارح. الوجه الثالث: أن تستعمل بمعنى "كان"، و"صار"، من غير أن يُقصد بها إلى وقت مخصوص، نحوَ قولك:"أصبح زيدٌ فقيًرا، وأمسى غنيًا"، تريد به أنه صار كذلك مع قطع النظر عن وقت مخصوص. ومنه قول عديّ بن زيد [من الخفيف]:
ثمّ أضحوا كأنّهم ورق ... إلخ
يريد أنهم صاروا إلى هذه الحال. شبّه أحِبّاءَه وانقراضَهم بورق الشجر وتغيُّرِه وجَفافِه، وذكر الصبا والدبور- وهما ريحان- لأنّ لهما تأثيرًا في الأشجار. ومثله قول الآخر [من المنسرح]:
١٠٢١ - أصبحتُ لا أحْمِلُ السِّلَاح ولا ... أمْلِكُ رَأسَ البعير إنْ نَفَرَا
١٠٢١ - التخريج: البيت لعدي بن زيد في ديوانه ص ٩٠؛ والدرر ٢/ ٥٧؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٤٧٠؛ والشعر والشعراء ١/ ٢٣٢؛ وبلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص ٢١١. اللغة: ألوت به: نثرته. الصبا والدبور: ريحان متقابلتان. الإعراب: "ثمّ": حرف عطف. "أضحوا": فعل ماضٍ ناقص، والواو: ضمير متّصل مبني في محلّ رفع اسم "أضحى". "كأنهم": حرف مثله بالفعل، و"هم": ضمير متّصل مبنى في محلّ نصب اسم "كانّ". "ورق": خبر "كأن" مرفوع. "جفّ": فعل ماضٍ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. "فألوت": الفاء: حرف عطف، و"ألوت": فعل ماضٍ، والتاء: للتأنيث. "به": جارّ ومجرور متعلّقان بـ"ألوت". "الصبا": فاعل مرفوع. "والدبور": الواو حرف عطف، و"الدبور": معطوف على "الصبا" مرفوع. وجملة "أضحوا": معطوفة على جملة سابقة. وجملة "كأنهم ورق" في محلّ نصب خبر "أضحى". وجملة "جفّ": في محلّ رفع نعت "ورق". وجملة "ألوت ... ": معطوفة على سابقتها. والشاهد فيه قوله: "أضحوا" حيث استعمل الفعل "أضحى" بمعنى "صار" دون أن يقصد بها وقتًا محدودًا. ١٠٢٢ - التخريج: البيت للربيع بن ضبع في أمالى المرتضى ١/ ٢٥٥؛ وحماسة البحتري ص ٢٠١؛ وخزانة الأدب ٧/ ٣٨٤؛ وشرح التصريح ٢/ ٣٦؛ ولسان العرب ١٣/ ٢٥٩ (ضمن)؛ والمقاصد النحوية ٣/ ٣٩٨؛ وبلا نسبة في الرد على النحاة ص ١١٤؛ والمحتسب ٢/ ٩٩. اللغة: نفر البعير: هاج خوفًا.