السر وأخفى} (١) , أي: وأخفي من السرّ, وقول الشاعر [من الرجز]:
يا ليتها كانت لأهلي إبلا ... أو هزلت في جدب عام أولا (٢)
أي: أول من هذا العام, و"أول" من "أفعل" الذي لا فعل له كـ "آبل", ومما يدل على أنه "أفعلُ": الأولى والأول. ومما حذفت منه "مِنْ" قولك: الله أكبر وقول الفرزدق [من الكامل]:
٩٢٥ - إن الذي سمك السماء بني لنا ... بيتاً دعائمه أعز وأطول
* * *
قال الشارح: اعلم أنهم قد يحذفون "مِنْ" من "أفعل" إذا أريد به التفضيل، ومعنى الفعل، وهم يريدونها، فتكون كالمنطوق بها، نحو:"زيد أكرم وأفضل"، فلم تأت بألف ولام، كما لم تأت بها مِع "مِنْ"؛ لأن الموجود حكمًا كالموجود لفظًا، ومنه قوله عزّ وجل:{وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}(٣) أي: أخفى منه، أي: من السرّ، وهو حديث النفس.
(١) طه:٧. (٢) تقدم بالرقم ٨٦٢. ٩٢٥ - التخريج: البيت للفرزدق في ديوانه ٢/ ١٥٥؛ والأشباه والنظائر ٦/ ٥٠؛ وخزانة الأدب ٦/ ٥٣٩، ٨/ ٢٤٢، ٢٤٣، ٢٧٦، ٢٧٨؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ٢٥٧؛ ولسان العرب ٥/ ١٢٧ (كبر)، ٥/ ٣٧٤ (عزز)؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٤٢؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢/ ٣٨٨. اللغة: سمك: رَفَعَ. المعنى: إنّ الله بني لهم بيتًا عزيرًا طويل الدعائم. الإعراب: "إنّ": حرف مشبّه بالفعل. "الذي": اسم موصول مبني في محلّ نصب اسم "إنّ". "سمك": فعل ماضٍ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. "السماء": مفعول به منصوب. "بني": فعل ماضٍ، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. "لنا": جار ومجرور متعلّقان بـ "بني". "بيتًا": مفعول به منصوب. "دعائمه": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، والهاء: ضمير متصل مبني في محلّ جرّ بالإضافة. "أعزّ": خبر المبتدأ مرفوع. "وأطول": الواو: حرف عطف، و"أطول": معطوت على "أعزّ" مرفوع. وجملة "إن الذي .... ": ابتدائيّة لا محل لها من الإعراب. وجملة "سمك": صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. وجملة "بني": في محل رفع خبر "إنّ". وجملة "دعائمه أعزّ": في محل نصب نعت "بيتًا". والشاهد فيه قوله: "أعزّ وأطول" حيث حذف المفضول. وقيل: إنه استخدمهما هنا في غير التفضيل، إذ لو فاضل بين عزّ بيته وعزّ بيت مهجوّه، لاعترف بأنّ للمهجوّ بيتًا عزيز الجانب، وطويل الدعائم، وهذا ما لا يريده. (٣) طه: ٧.