[لقد علمت أُولي المغيرة أنني] ... كررت فلم أنكل عن الضرب مسمعا (١)
* * *
قال الشارح: والمصدر يعمل عملَ الفعل المأخوذِ منه: إن كان الفعل غير متعدّ، كان المصدر غير متعدّ، فكما تقول:"قام زيدٌ"، ولا تجاوِز الفاعلَ، كذلك تقول:"أعجبني قيامُ زيدٍ". وإن كان يتعدّى إلى واحد، يتعدّى مصدره إلى واحد، فتقول:"أعجبني ضربُ زيدٍ عمرًا". وتقول:"أعجبني إعطاءُ زيدٍ عمرًا درهمًا"، فتُعدّيه إلى مفعولَيْن كما يفعل ذلك الفعلُ، نحوُ:"أعطيتُ زيدًا درهمًا". وإن كان يتعدّى فعلُه بحرِف جرّ؛ كان المصدر كذلك، فتقول:"أعجبني مرورُك بزيدٍ".
وإنّما يعمل من المصادر ما كان مقدرًا بـ"أنْ" والفعلِ، نحوُ قولك:"أعجبني ضربُ زيد عمرًا"، وتقديره: أن ضَرَبَ زيدٌ عمرًا. فأمّا إذا كان مؤكدًا لفعله، أو عاملًا فيه الفعلُ الذي أُخذ منه على وجه من الوجوه، لم يعمل؛ لأنه لا يقدَّر بـ"أن" والفعلِ، وذلك نحو قولك:"ضربتُ زيدًا ضَرْبًا والضربَ الشديدَ"؛ لأنه لا يحسن أن تقول فيه:"ضربتُ زيدًا أن ضربتُ زيدًا". فأمّا قولهم في الأمر:"ضَرْبًا زيدًا"، فكثيرٌ من النحويين يقولون: العاملُ في "زيد": "ضربًا".
والذي عليه المحققون أن العامل فيه الفعل الذي نصب المصدرَ، وتقديره: اضْرِبْ
= ٥/ ٢٥٢؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ٣٩٤؛ وشرح الأشموني ١/ ٣٣٣؛ وشرح التصريح ٢/ ٦٣؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ١٣٦؛ وشرح ابن عقيل ص٤١١؛ والكتاب ١/ ١٩٢؛ والمقرب ١/ ١٣١؛ والمنصف ٣/ ٧١؛ وهمع الهوامع ٢/ ٩٣. اللغة: النكاية: إغضاب الغير وقهره. الفرار: الهرب. يراخي الأجل: يبعد الموت. المعنى: أنه جبان، لا يقهر الأعداء، ويعتمد على الهرب ظنًّا منه بأنّه يبعد الموت. الإعراب: "ضعيف": خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو، وهو مضاف. "النكاية": مضاف إليه مجرور. "أعداءه": مفعول به للمصدر "النكاية" منصوب، وهو مضاف، والهاء: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. "يخال": فعل مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. "الفرار": مفعول به منصوب. "يراخي": فعل مضارع مرفوع بالضمّة المقدّرة على الياء للثقل، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. "الأجل": مفعول به منصوب، وسكن للضرورة الشعرية. وجملة " ... ضعيف النكاية": لا محل لها من الإعراب لأنّها ابتدائية. وجملة "يخال الفرار": في محل رفع خبر ثانٍ. وجملة "يراخي الأجل": في محلّ نصب مفعول به ثاني لـ"يخال". والشاهد فيه قوله: "النكاية أعداءه" حيث نصب المصدر المقترن بـ"أل"، وهو قوله: "النكاية"، مفعولًا به، وهو قوله: "أعداءه". (١) تقدم بالرقم ٨٤٢.