في قولهم لهُودٍ عليه السلام (١): {إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ}(٢)، وهو مأخوذ من "كنَوْت" عن الشيء، و"كنَيْت"، بالواو والياء، إذا عبّرتَ عنه بعبارةٍ أُخرى تَوْرِيَةً. والمضمراتُ كلّها كنايات عمّا تقدّمها من الظَّواهر.
و"فلانٌ" و"فلانةُ": كناياتٌ عن أعلام الأناسيّ خاصةً، ولا يدخلها اللام، إيذانًا بأن المَكْنيّ عنه كذلك. قال الشاعر [من الرجز]:
٨٩ - في لَجَّةٍ أَمْسِكْ فُلَانًا عن فُلِ
أراد: فلانًا عن فلان، وإنّما حذف تخفيفًا، وهذا الحذفُ من تغييرات النداء، واستعمالُه ها هنا، في غير النداء، ضرورة.
وإذا كنوا عن أعلام البهائم أدخلوا اللام، فقالوا:"الفلان"، و"الفلانة". وذلك لنُقْصانهن عن درجة الأناسيّ في التعريف؛ إذ العلميةُ فيها إنّما كان على التشبيه بالأناسيّ.
فأمّا "هَنٌ"، وَ"هَنَةٌ" فكنايات عن الأجناس. فَـ "هَنٌ": كنايةٌ عن المذكّر، و"هنةٌ" كنايةٌ عن المؤنّث؛ تقول:"عندي هَنُو زيدٍ"، وإذا سُئِلت عنه قلت: كنايةٌ أو توريةٌ بَيانًا له وإيضاحًا. فإن نكرتَ وقلت:"هنٌ"، و"هنةٌ"، كان كناية عن النكرات، كما كان "فلانٌ"
(١) عبارة "عليه السلام" لم ترد في طبعة ليبزغ. (٢) الأعراف: ٦٦. ٨٩ - التخريج: الرجز لأبي النجم في جمهرة اللغة ص ٤٠٧؛ وخزانة الأدب ٢/ ٣٨٩؛ والدرر ٣/ ٣٧؛ وسمط اللآلي ص ٢٥٧؛ وشرح أبيات سيبويه ١/ ٤٣٩؛ وشرح التصريح ٢/ ١٨٠؛ وشرح شواهد المغني ١/ ٤٥٠؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ٢٢٨؛ والطرائف الأدبية ص ٦٦؛ والكتاب ٢/ ٢٤٨، ٣/ ٤٥٢؛ ولسان العرب ٢/ ٣٥٥ (لجج)، ١٣/ ٣٢٤، ٣٢٥ (فلن)؛ والمقاصد الخوية ٤/ ٢٢٨؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢/ ٤٦٠؛ وشرح ابن عقيل ص ٥٢٧؛ والمقتضب ٤/ ٢٣٨؛ والمقرب ١/ ١٨٢؛ وهمع الهوامع ١/ ١٧٧. اللغة: اللجّة: الجلبة واختلاط الأصوات في الحرب. الإعراب: "في لجة": جار ومجرور متعلقان بـ "تضلّ" في بيت سابق."أمسك": فعل أمر، فاعله ضمير مستتر تقديره: "أنت". "فلانًا": مفعول به منصوب. "عن فل": جار ومجرور متعلّقان بـ "أمسك". جملة "أمسك ... ": في محلّ نصب مفعول به لفعل القول المحذوف الواقع نعتًا لـ"لجّة" تقديره في لجة مقول في شأنها: أمسك ... ". والشاهد فيه قوله: "عن فل" والأصل: "فلان"، وحذفت الألف والنون للضرورة.