فأمّا الضرب الثاني الذي هو اسمٌ، فقولهم في العدد:"واحد، اثنان" فـ"واحد" ههنا غير صفة، وإنّما قلت ذلك لأمُور؛ منها: أنّه لو كان صفة؛ لَوجب أن يكون له موصوفٌ، ولا موصوف، ومنها أنّهم قد كسّروه على "أُحْدان" من نحو قول الهُذَليّ [من البسيط]:
وهذا الضرب من التكسير في "فاعلٍ" إذا كان اسمًا دون الصفة، نحوَ قولك:"حاجِرٌ"، و"حُجْران"، و"غالٍّ"، و"غُلّانٍ". فأمّا قولهم:"راعٍ"، و"رُعْيانٌ"، و"صاحِبٌ"، و"صُحْبانٌ"، فإنّما كُسّر على ذلك؛ لاستعمالهما استعماَلَ الأسماء، ولم يُذكَر معهما موصوفٌ.
فإن قيل: وقد قيل: "مررت برجل واحد، وبقوم ثلاثةٍ"، فتصف بالعدد، وتُجْرِي إعرابَه على الاسم الذي قبله؟ فالجواب أنّ حقيقةَ هذا أنَّه اسمٌ وعطفُ بيان لا صفةٌ، كما تقول:"مررت بأبي عبدِ الله زيدٍ". والدليل على أن "واحدًا" اسمٌ، وإِن جرى إعرابه على ما قبله، قولهم:"مررت بنسوةٍ أربعٍ" بالتنوين والصرفِ، ولو كان
= ولسان العرب ٣/ ٤٤٨ (وحد). المعنى: لقد آبوا مجتمعين كحي واحد. الإعراب: "فقد": الفاء: بحسب ما قبلها، "قد": حرف تحقيق وتقريب. "رجعوا": فعل ماضٍ مبني على الضمّ لاتصاله بواو الجماعة، والواو: ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل، والألف: فارقة. "كحي": جارّ ومجرور متعلّقان بـ (رجعوا). "واحدينا": صفة "حي" مجرورة بالياء لأنها جمع مذكر سالم، والألف للإطلاق. وجملة "فقد رجعوا": بحسب الفاء. والشاهد فيه قوله: "واحدينا" حيث جمع "واحد" صفة جمع مذكّر سالم. ٨٦١ - التخريج: البيت لأبي ذؤيب الهذليّ، أو لمالك بن خالد الخُناعيّ في شرح أشعار الهذليين ص ٢٢٧، ٤٤٣. اللغة: الصريمة: موضع. إحدان الرجال: ما انفرد من الرجال. وهجّاس: يَهجِس، ويُفَكر في نفسه. ويروى البيت بنصب "أحدان" والمعنى: يحمي الصريمة من أحدانِ الرجالِ، كقولك: حميتُ الدارَ اللِّصّ، وبالرفع، على معنى: أحدانُ الرجالِ صيدٌ له. الإعراب: "يحمي": فعل مضارع مرفوع بالضمّة المقدَّرة على الياء للثقل، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره: هو. "الصريمةَ": مفعول به منصوب بالفتحة. "أحدان": (بالرفع): مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. "الرجال": مضاف إليه مجرور. "له": جار ومجرور متعلقان بـ"صيد". "صيد": خبر مرفوع بالضمة. "ومستمع": الواو حرف استئناف، و"مستمع": مبتدأ مرفوع بالضمَّة. "بالليل": جارّ ومجرور متعلِّقان بـ"هجّاس". "هجاس": خبر مرفوع. وجملة "يحمي الصريمة": استئنافية لا محلّ لها من الإعراب، وكذلك جملة "أحدان الرجال له صيد"، وجملة "مستمع بالليل هجّاس". والشاهد فيه: جمع "واحدِ" على "أُحدان".