بنائها؛ لأنها أسماءٌ، وإن كانت صفاتٍ، وذلك في الشعر، فأمّا في الكلام، فالجمعُ بالواو والنون، والألف والتاء، لا غيرُ، إلا أن تعلم مذهب العرب في تكسيرها، فلا يُعدَل عنه.
وقالوا:"وَجِعٌ"، و"قومٌ وِجاعٌ" كأئهم حملوه على "حَسَنٍ"، و"حِسانٍ"، و"سَبَطٍ"، و"سِباطٍ"، فوافَقَ "فَعِلٌ""فَعَلاً" في الصفة، كما وافقه في الاسم حيث قالوا:"جَمَلٌ"، و"أجْمالٌ"، كما قالوا:"كَتِفٌ" و"أكْتافٌ".
وقالوا:"أسَدٌ"، و"أُسُودٌ"، كما قالوا:"نَمِرٌ"، و"نُمُورٌ"، فلمّا اتّفقا في الاسم، اتّفقا في الصفة. وقالوا:"وَجِعٌ" و"وَجْعَى" جاؤوا به على "فَعْلَى"، كما قالوا:"هَلْكَى"، و"زَمْنَى"؛ لأنّها بَلايا وآفات، فأجروها مجرى "قَتْلَى"، و"جَرْحَى"، وسيوضَح ذلك في موضعه. وقالوا أيضًا:"وُجاعَى"، وهو أيضًا بناءٌ لِما يكون آفةٌ وبليّة، إلّا أن "فَعْلَى" فيه أكثرُ. وحكى أبو عمر الجَرْميّ:"فَرِحٌ" و"أفْراحٌ"، ويُقال:"فِراحٌ". قال الشاعر [من الوافر]:
والباب فيه أن يُجمع بالواو والنون، نحوَ "فَرِحُون"، و"وَجلون". قال الله تعالى:{كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}(١)، وقال:{إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ}(٢).
السادس: وهو "فَعُلٌ" بفتح الأوّل، وضمّ الثاني، وحكمُه حكم "فَعِلٍ"؛ لأنّ "فَعُلًا"، و"فَعِلًا" قد كثُر في الكلمة والواحدة، نحوَ:"حَذُرٍ" و"حَذِرٍ"، و"يَقُظٍ"، و"يَقِظٍ"، و"فَطُنٍ"، و"فَطِنٍ"، لتقارُب الحركتَيْن تَعاقَبتا على الكلمة الواحدة. وقد كسّروا بعضَ ذلك على "أفْعالٍ". قالوا:"يَقُظٌ"، "أيْقاظٌ". قال الشاعر [من الطويل]:
٧٢٤ - لقد عَلِمَ الأيْقاظُ أخْفِيَةَ الكرَى ... تَزجُّجَها من حالكٍ واكْتِحالَها
٧٢٣ - التخريج: البيت بلا نسبة في شرح الجمل ٣/ ١٢٢. المعنى: يمدحه الشاعر بقوله: إن الناس جميعًا سعداء فرحون مستبشرون شرط أن تكون فيهم. الإعراب: "وجوه": مبتدأ مرفوع بالضمة. "الناس": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "ما": مصدرية ظرفية. "عمرت": فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل، والتاء: ضمير متصل في محل رفع نائب فاعل، والمصدر المؤول من "ما" والفعل "عُمِّر" مفعول فيه ظرف زمان منصوب متعلق بـ"طليقات"، والتقدير: وجوه الناس طليقات مدة بقائك فيهم. "بيض": خبر مرفوع بالضمّة. "طليقات": خبر ثانٍ مرفوع بالضمة للمبتدأ وجوه. "وأنفسهم": الواو: حرف عطف، "أنفس" مبتدأ مرفوع بالضمة وهم: ضمير متصل في محل جر بالإضافة. "فراح": خبر مرفوع بالضمة. وجملة "وجوه الناس بيض": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "عمرت": صلة الموصول الحرفي لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "أنفسهم فراح": معطوفة على "وجوه الناس طليقات" فلا محلّ لها من الإعراب. والشاهد فيه قوله: "فراح" حيث جمع "فرح" على "فِرَاح". (١) المؤمنون: ٥٣. (٢) الحجر: ٥٢. ٧٢٤ - التخريج: البيت للكميت في شرح شواهد الإيضاح ص ٥٦٩؛ والمقاصد النحويّة ٣/ ٦١٢؛ وليس في =