كأنها لما أوهمته خلاف الحقيقة كانت بمنزلة ما كذبته (٢).
وقرأ أهل الكوفة (٣){يَكْذِبُونَ} بالتخفيف من الكذب، وهو أشبه بما قبله وبما بعده؛ لأن قبله:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ}[البقرة: ٨] وهذا كذب منهم، وبعده قوله:{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ}[البقرة: ١٤] وهذا يدل على كذبهم في دعوى الإيمان.
وأيضا فإن قوله تعالى {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} لا يخلو إما أن يراد به المنافقون، أو المشركون، أو الفريقان جميعاً. فإن أراد المنافقين فقد (٤) قال فيهم: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (١)} [المنافقون: ١].
وإن كانوا المشركين فقد قال: {وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٩٠) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ} [المؤمنون: ٩٠ - ٩١]. وإن كانوا الفريقين فقد أخبر عنهم جميعا بالكذب الذي يلزم (٥) أن يكون فعله (يكذبون) بالتخفيف.
= ومات على ذلك، مدح بني أمية وكان مقدما عندهم. انظر ترجمته في: "الشعر والشعراء" ص ٣١٩، "الخزانة" ١/ ٤٥٩. (١) البيت مطلع قصيدة للأخطل يهجو بها جريرا وقوله (كذبتك عينك): أي خيل إليك، وواسط: مكان بين البصرة والكوفة. البيت من شواهد سيبويه ٣/ ١٧٤. وورد في "المقتضب" ٣/ ٢٩٥، "تهذيب اللغة" (الكذب) ٤/ ٣١١٤، "مغنى اللبيب" ١/ ٤٥. (٢) انظر: "تهذيب اللغة" (كذب) ٤/ ٣١١٤. (٣) عاصم وحمزة والكسائي انظر "السبعة" لابن مجاهد ص ١٤٣، "الحجة" لأبي علي ١/ ٣٢٩، "الكشف" لمكي١/ ٢٢٧، و"تفسير الطبري" ١/ ١٢١ - ١٢٣. (٤) في (أ)، (ج): (وقد) وأثبت ما في (ب) ومثله في "الحجة" ١/ ٣٣٨. (٥) في (ب): (يلتزم).