قال ابن عباس في رواية العوفي: لو كان لأحدكم على رجل حقٌّ فجاءه بهذا لم يأخذه إلا وهو يرى أنه قد أغمض له عن بعض حقه وتساهل فيه (١).
وقال في رواية الوالبي: ولستم بآخذي هذا الرديء بحساب الجيد حتى تحطوا من الثمن (٢)، وبه قال الحسن (٣) وقتادة (٤)، وهذا القول يحمل على الإغماض إذا كان متعديًا إلى آخر، كما تقول: أغمضت بصر الميت وغَمَّضْتُه، كان المعنى: ولستم بآخذيه إلا إذا أغمضتم بصر البائع، يعني: أمرتموه بالإغماضِ والحطِّ من الثمن، فيكون المفعولُ محذوفًا في (٥) هذا (٦)، يدل على هذا المعنى: قراءة أبي مجلز {تُغْمِضُوا} فيه بضم التاء وفتح الميم (٧) يعني: إلا أن يُهضم لكم.
قال صاحب "النظم": اختلف في نظم هذه الآية فريقان:
أحدهما: زعم أن انتهاء الفصل الأول إلى قوله: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ} ثم ابتدأ خبرًا آخر في وصف الخبيث، فقال:(تنفقون منه) أي: من
(١) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٣/ ٨٤، "ابن أبي حاتم" في تفسيره ٢/ ٥٢٨. (٢) المصدرين السابقين. (٣) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٣/ ٨٥، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ٢/ ٥٢٩، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٦٢٦، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٣٣٣. (٤) رواه عنه الطبري في "تفسيره" ٣/ ٨٥، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٦٢٦، والبغوي في "تفسيره" ١/ ٣٣٣. (٥) في (ي): (على). (٦) ينظر: "التبيان" ص ١٦٢، "البحر المحيط" ٢/ ٣١٨. (٧) "تفسير الثعلبي" ٢/ ١٦٢٥، وعزاها في "المحتسب" ١/ ١٣٩، و"البحر المحيط" ٢/ ٣١٩ إلى قتادة.