من (١) ههنا جاز في (فئة) الرفع والنصب والخفض. فمن نصب قال: أصل (كم) الاستفهام (٢)، وما بعدها (من) النكرة مُفَسّر كتفسير العدد، فجعل (كم) بمنزلة عدد ينصب ما بعده، نحو: عشرين وثلاثين.
ومن خفض قال: طالت صحبة (من) للنكرة في كم (٣)، فلما حذفناها أعملنا إرادتها فخفضنا، كقول العرب إذا قيل لأحدهم: كيف أصبحت؟ قال: خيرٍ، يريد بخير.
ومن رفع نوى تقديمَ الفعل، كأنه قيل: كم غلبت فئة، وأنشد:
كم عَمَّةٍ لك يا جَرِيرُ وخَالةٍ ... فَدْعَاءَ قد حَلَبَتْ عليَّ عِشَاري (٤)
قال: يجوز فيه الأَوْجُه الثلاثة، وأنشد في جوازِ الرفعِ قولَ امرئ القيس:
تَنُوصُ وكم من دُويها من مَفَازَةٍ ... وكم أرضِ جَدْبٍ (٥) دونهَا ولصُوصُ (٦)(٧)
(١) ساقط من (ش). (٢) في (ي) (استفهام). (٣) في (ي) و (ش) (كما). (٤) البيت للفرزدق يهجو جريرًا، في "ديوانه" ١/ ٣٦١، و"معاني القرآن" للفراء ١/ ١٦٩، و"الأشباه والنظائر" ٨/ ١٢٣، و"أوضح المسالك" ٤/ ٢٧١. والفَدَع: اعوجاجٌ وعيبٌ في القدم، والعشار: جمع العشراء، وهي الناقة التي أتى عليها من يوم أرسل عليها الفحل عشرة أشهر. (٥) في (ش): (جذب). (٦) كذا إلى هنا نقل من "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٦٨ - ١٦٩. وينظر في الإعراب: "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٣٢٧، "التبيان" ١٤٩، "البحر المحيط" ٢/ ٢٦٨. (٧) ورد البيت هكذا: وكم دونها من مهمة ومفازة ... وكم أرضُ جَدْبٍ دونها ولصوصُ والبيت في "ديوانه" ص ٩١. وفي "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٦٩ ورد البيت هكذا: تبوص وكم من دونها من مفازة ... وكم أرض جَدْب دونها ولصُوصُ