وقوله تعالى:{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} معنى العفو: هو ترك الواجب من أَرْشِ (١) جناية، أو عقوبة ذنب، أو ما استوجبه الإنسان بما ارتكبه من جناية فصفح عنه وترك له من الواجب عليه (٢).
وقوله تعالى:{مِنْ أَخِيهِ} أراد: من دم أخيه، فحذف المضاف للعلم به (٣)، وأراد بالأخ: المقتول، سماه أخًا للقاتل، فدل أن أخوة الإسلام بينهما لا تنقطع، وأن القاتل لم يخرج عن الإيمان بقتله (٤)(٥).
وفي قوله:(شيء) دليل على أن بعض الأولياء إذا عَفَا سَقَطَ القود؛ لأن شيئًا من الدمِ قد بطل بعفو البعض (٦)، والله تعالى قال:{فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}، والكنايتان في قوله:{لَهُ} و {أَخِيهِ} ترجعان إلى (مَنْ) وهو القاتل (٧)، ولا يحتاج أن يقال: أخيه المقتول؛ لأن هذا الحكم لا
= عبيد وعن غيره أن هذه الآية محكمة، وفيها إجمال فسرته آية المائدة، وأن قوله هنا: (الحر بالحر)، يعم الرجال والنساء، وقاله مجاهد. (١) الأرش: ما يأخذه المشتري من البائع إذا اطلع على عيب في المبيع، وأروش الجنايات والجراحات من ذلك، لأنها جابرة لها عما حصل فيها من النقص، وسمي أرشا؛ لأنه من أسباب النزل، يقال: أرَّشت بين القوم إذا أوقعت بينهم. "النهاية" ص ٣٣. (٢) وهو قول ابن عباس ومجاهد وعطاء والشعبي وقتادة والربيع وغيرهم. ينظر: "تفسير عبد الرزاق" ١/ ٦٦، "تفسير الطبري" ٢/ ١٠٧، "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٢٩٥، "تفسيرالثعلبي" ٢/ ١٨١. (٣) "البحر المحيط" ١/ ١٢. (٤) في (ش): (بقلبه). (٥) "البحر المحيط"١/ ١٢، "التفسير الكبير" ٥/ ٥٤، "المحرر الوجيز" ٢/ ٨٨. (٦) "البحر المحيط"١/ ١٣، "التفسير الكبير" ٥/ ٥٤. (٧) "تفسير البغوي" ١/ ١٩١.