تقول (١): نَمَى (٢) الله ذَرْأَكَ وذَرْوَكَ: أي: ذريتك. والذريةُ: تقع على الآباء والأبناء والأولاد والنساء، قال الله تعالى:{وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ}[يس: ٤١] أراد: آباءهم الذين حُمِلوا مع نوح في السفينة (٣)، وقال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ} إلى قوله: {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ}[آل عمران:٣٣ - ٣٤]، فدخل فيها الآباء والأبناء (٤).
وتكون (٥) الذرية واحدًا وجمعًا، فممَّا جاء فيه ذرية يراد به الواحدِ قوله:{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً}[آل عمران: ٣٨]، فهذا مثل قوله:{فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا}[مريم: ٥]. ألا ترى أنه قال:{فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى}[آل عمران: ٣٩]. ومما جاء فيه جمعًا قوله:{وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ}[الأعراف: ١٧٣]، وهو كثير.
وأما أصل الذُّرِّيةِ ومأخذُها، فقال أبو إسحاق النحوي: فيها قولان: قال بعضهم: هي فُعْليَّةٌ، من الذَرَ؛ لأنَ الله تعالى أخرجَ الخلق من صُلْبِ آدم كالذَّرِّ، حين أشهَدَهُم على أنفسِهم (٦).
(١) في (أ)، (م): (يقول). (٢) في (ش): (تمنى). (٣) نقله عنه في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٧٤ (مادة: ذرأ). (٤) "تهذيب اللغة" ٢/ ١٢٧٤ (مادة: ذرأ). (٥) في (ش): (ويكون). (٦) لم يذكر أبو إسحاق شيئا من ذلك في هذه الآية، لكنه أشار إلى العلة في آية الأعراف: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}. فقال في "معاني القرآن" ٢/ ٣٩٠: قال بعضهم: خلق الله الناس كالذر من صلب آدم وأشهدهم على توحيده.