والآخر: لو لم، كقولك: لولا زيد لأكرمتك، معناه: لو لم يكن، وتقول: لولا فعلت ما أمرتك، في معنى: هلَّا فعلت. وقد يدخل (ما) في هذا المعنى في موضع لا، كقوله تعالى:{لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ}[الحجر: ٧]. أي: هَلَّا. وكلُّ ما في القرآن لولا يفسر على هَلَّا، غير التي في الصافات {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ}[الصافات: ١٤٣] يقول: فلو لم يكن من المُسَبِّحِين (١). وقال الفراء: لولا إذا كانت مع الأسماء فهي شرط، وإذا كانت مع الأفعال فهي بمعنى هلّا، لومٌ على ما مضى، وتحضيض لما يأتي.
قوله تعالى:{كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أراد: كفار الأمم الخالية. قال الزجاج: أعْلَمَ اللهُ أنَّ كفرَهم في التعنُّتِ بطلب الآيات على اقتراحهم، كَكُفْر الذين من قبلهم في قولهم لموسى:{أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً}[النساء: ١٥٣] وما أشبهه، وفي هذا تعزية للنبي - صلى الله عليه وسلم - (٢).
وقوله تعالى:{قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} يريد: أن من أيقن وطلبَ الحقّ فقد أتته الآيات البينات، نحو: المسلمين ومن لم يعاند من علماء اليهود؛ لأن القرآن برهانٌ شافٍ (٤).