الكتاب إلا تلاوة ولا يعملون به (١)، فليسوا كمن يتلونه حقّ تلاوته، فيُحِلّون حلالَه، ويحرمون حرامه، ولا يحرفونه عن مواضعه (٢).
قال ابن الأزهري: والتلاوة سميت أمنية؛ لأن تالي القرآن إذا مر بآية رحمة تمنّاها، وإذا مرّ بآية عذاب تمنّى أن يُوَقّاه (٣).
وقال الحسن (٤) وأبو العالية (٥) وقتادة (٦): أي: إلّا أن يتمنوا على الله الباطل والكذب، ويتمنون على الله ما ليس لهم، مثل قولهم:{وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً}[البقرة: ٨٠]، وقولهم:{وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا}[البقرة: ١١١]، وقولهم:{نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ}[المائدة: ١٨]. قال ابن الأنباري: والاستثناء على هذا التأويل منقطع عن الأوّل، يريد. لا يعلمون الكتاب البتة، لكنهم يتمنون على الله مالا ينالون (٧).
(١) في الأصل (يعلمون)، وهو تحريف. (٢) ينظر: "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٥٦. (٣) "تهذيب اللغة" ١٥/ ٥٣٤. (٤) ذكره "الثعلبي" في "تفسيره" عنه ٢/ ١٠٠١، وينظر: "الوسيط" للمصنف ١/ ١٦٢، و"البغوي" ١/ ٨٨. (٥) أخرجه الطبري في تفسيره بمعناه ٢/ ٣٧٤ - ٣٧٥، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٥٢، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ٢/ ١٠٠١. (٦) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/، وفي "تفسير الطبري" بمعناه ١/ ٣٧٥، وذكره "أبن أبي حاتم" ١/ ١٥٢ عنه وعن الربيع بن أنس بلا إسناد، وينظر: "التفسير الصحيح" ١/ ١٨٠. (٧) وقد رجح الشنقيطي هذا القول في أضواء البيان ١/ ١٤١ وبين أن مما يدل لهذا القول: قوله تعالى {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ} [البقرة: ١١١] وقوله {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} [النساء: ١٢٣] وبين أن القول الأول لا يتناسب مع قوله: ومنهم أميون لأن الأمي لا يقرأ. =