وَالْآخَرُ: أَنْ نَقُولَ: كَانَ الْقُنُوتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ حِينَ لَمْ يُقْتَلْ أَصْحَابُ بِئْرِ مَعُونَةَ، فَلَمَّا قُتِلُوا رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْقُنُوتَ إِلَى مَا بَعْدَ الرُّكُوعِ، وَدَعَا عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فِي قُنُوتِهِ شَهْرًا، ثُمَّ تَرَكَ الدُّعَاءَ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَتْرُكِ الْقُنُوتَ، وَلَمْ يَرُدَّهُ إِلَى مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا.
وَحَدِيثُ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: وَكَانَ يَقْنُتُ قَبْلَ ذَلِكَ قَبْلَ الرُّكُوعِ. فَأَخْبَرَ أَنَّ قُنُوتَهُ قَبْلَهُ كَانَ قَبْلَ دُعَائِهِ عَلَيْهِمْ.
وَأَمَّا إِنْكَارُ أَنَسٍ - رضي الله عنه - لِلْقُنُوتِ بَعْدَ الرُّكُوعِ، ثُمَّ إِخْبَارُهُ عَنْ قُنُوتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ (١) قُنُوتَهُ قَبْلَ (٢) ذَلِكَ، لَا بَعْدَهُ، كَمَا فَسَّرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ عَنْ عَاصِمٍ.
وَهَذَا كُلُّهُ كَلَامٌ عَلَى مَذْهَبِنَا.
فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ بِالرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ لَنَا الْقُنُوتُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ بَعْدَ الرُّكُوعِ قِسْنَا عَلَيْهِ الْقُنُوتَ فِي الْوِتْرِ.
وَأَمَّا الَّذِي يَخُصُّ هَذِهِ (٣) الْمَسْأَلَةَ:
[٢٥٥٢] فأخبرنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ (٤) بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّفَّارُ، ثنا سَيَّارُ بْنُ الْحَسَنِ التُّسْتَرِيُّ. (ح)
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ وَأَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْعَتَكِيُّ، قَالَا: ثنا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
(١) قوله: "به" ليس في (س).(٢) في (س): "فعل".(٣) في (ق): "بهذه".(٤) قبله في (س): "قال: وحدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ وأبو منصور".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute