قوله:«سموا» فى موضع الحال، «وقد» مضمرة فيه، التقدير: كأنّنا الغرّ من قريش سامين، كما أضمرت «قد»(١) فى قوله تعالى: {أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ}(٢) فالتقدير: حصرى الصّدور.
وروى أن شاعرا توعّد أخاه بالهجاء، فقال له: أتهجوني وأبى أبوك وأمّى أمّك؟ قال: نعم، أقول:
لئيم أتاه اللؤم من عند نفسه ... ولم يأته من عند أمّ ولا أب (٣)
وقال آخر:
أبوك أب حرّ وأمّك حرّة ... وقد يلد الحرّان غير نجيب (٤)
فلا يعجبنّ الناس منك ومنهما ... فما خبث من فضّة بعجيب
/وهجا الحطيئة أمّه بقوله (٥):
تنحّى فاقعدى منّى بعيدا ... أراح الله منك العالمينا
أغربالا إذا استودعت سرّا ... وكانونا على المتحدّثينا
الكانون من الرجال: الثّقيل على مجالسيه.
وقوله: غربالا وكانونا، منتصبان انتصاب المصادر (٦)، فهو ممّا دخله حذف
(١) سبق هذا البحث فى المجلس الرابع والأربعين. (٢) سورة النساء ٩٠. (٣) البيت من غير نسبة فى أمالى القالى ٢/ ٨٢، بروايته عن ابن الأعرابى. (٤) البيتان فى ديوان المعانى ١/ ١٩٢، ونسبهما أبو هلال إلى حسّان رضى الله عنه، فى هجاء أبى سفيان بن الحارث بن عبد المطلب-قبل أن يسلم-رضى الله عنه، وتبع أبا هلال النويرىّ فى نهاية الأرب ٣/ ٢٨٤، ولم أجدهما فى ديوان حسّان المطبوع. وهما من غير نسبة فى الزهرة ٢/ ١٦٢، والأشباه والنظائر للخالديين ١/ ٩٥، وفى حواشيهما فضل تخريج. وعجز البيت الثانى وحده فى التمثيل والمحاضرة ص ٢٨٨ من غير نسبة. (٥) ديوانه ص ١٠٠، وتخريجه فى ص ٣٥٠، وهو شعر سيّار. (٦) ذهب ابن السّكّيت إلى أنه منصوب بإضمار الفعل، أراد: أراك غربالا، ومثّل له بقول العرب: «أثعلبا وتفرّ؟» أى: أترى ثعلبا وتفرّ؟ وانظر قول العرب هذا وتوجيهه فى معانى القرآن ٢/ ٢٩٧.