وممّا حذفوا نونه، وعوّضوا منها فى موضعها ألفا، قولهم:«جرنفش»(١) وهو العظيم الجنبين، «وشرنبث» وهو الغليظ الكفّين، قالوا فيهما: جرافش وشرابث.
وكذلك حذفوا النون من قولهم:«شنذارة»، وهو السيّئ الخلق، وعوّضوا منها الهمزة، فقالوا: شئذارة، وحذفوا النون من «قنفخر» وهو الضّخم (٢) من الرجال، وعوّضوا منها ألفا، فى غير موضعها، فقالوا: قفاخرىّ.
ومن حذفها اضطرارا حذفها فى قول النّجاشى (٣):
فلست بآتيه ولا أستطيعه ... ولاك اسقنى إن كان ماؤك ذا فضل
كان حقّها أن يحرّكها، لولا الضرورة.
وممّا حذفوها منه استحسانا، وتشبيها لها بحروف المدّ واللّين لفظة «يكون»(٤)]، وذلك إذا سكنت للجزم فى نحو: لم يكن، ولا تكن، كقولك: لم يك جالسا، وكقوله تعالى:{وَإِنْ يَكُ كاذِباً}(٥) وكذلك قولك: لا تك فى شكّ، وقوله تعالى:
{وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ}(٦) وإنما حذفوها فى هذا الحرف، لكثرة استعماله، كما يحذفون حروف العلّة، فى قولهم: لم يخش ولم يدع ولا ترم، ولم يحذفوها من نظائر هذا الفعل، أعنى ما وازنه ولامه نون، نحو يصون ويهون، فيقولوا: /لم يص نفسه، وذلك لقلة استعماله.
(١) فى الكتاب ٤/ ٣٢٣، والحلبيات ص ٣٧٧: «جرنفس» بالسين المهملة، وكلاهما صحيح. (٢) وقال ابن الدهان: «قنفخر: فائق فى نوعه». شرح أبنية سيبويه ص ١٤٥، وراجع الكتاب ٤/ ٢٩٧،٣٢٤. (٣) هو قيس بن عمرو بن مالك الحارثىّ كان فاسقا رقيق الإسلام، أقام عليه علىّ كرّم الله وجهه، الحدّ؛ لإفطاره فى رمضان. الشعر والشعراء ص ٣٢٩. والبيت الشاهد فى الكتاب ١/ ٢٧، وقد استقصيت تخريجه فى كتاب الشعر ص ١١٣، وانظر ضرورة الشعر ص ٩٩،٢١٦، والجمل المنسوب للخليل ص ٢١٤. (٤) الكتاب ٤/ ٤٠٥، واللسان (كون). (٥) سورة غافر ٢٨. (٦) سورة النحل ١٢٧.