قوله:{هُوَ خَيْراً لَهُمْ} هو: ضمير البخل، والبخل هو المفعول الأول، الذى يقتضيه {يَحْسَبَنَّ} وحسن حذفه لدلالة {يَبْخَلُونَ} عليه، وقوله:
{هُوَ} يسمّى عمادا عند الكوفيين، وفصلا عند البصريين.
ومثل ذلك فى إضمار المصدر الذى دلّ عليه فعله قوله تعالى:{وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}(١) أى يرض الشّكر، وكذلك أضمر المصدر فى قوله جلّ جلاله:{الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً}(٢) أى فزادهم قول الناس إيمانا.
ومما قدّر له فاعل من لفظه «بدا» فى قوله تعالى جدّه: {ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ}(٣) التقدير: ثم بدا لهم بداء (٤)، لا بدّ من تقدير هذا الفاعل، لأن الفعل مطالب بفاعله، ولا يصحّ إسناده إلى {لَيَسْجُنُنَّهُ} لأن إسناد الفعل إلى الفعل مستحيل، ولمّا لم يكن للفعل مندوحة عن إسناده إلى فاعل، أو ما يقوم مقام الفاعل، كالمفعول فى/نحو ضرب زيد، أسند بدا إلى الفاعل الذى أظهره الشاعر فى قوله (٥):
لعلك والموعود حقّ لقاؤه ... بدا لك فى تلك القلوص بداء
= وقال أبو جعفر النحاس عن قراءة التاء «تحسبن» التى قرأ بها حمزة، إنها بعيدة جدا. إعراب القرآن ١/ ٣٨١. وانظر معانى القرآن للفراء ١/ ١٠٤،٢٤٨، وللزجاج ١/ ٤٩٢،٤٩٣. وتفسير الطبرى ٧/ ٤٣١، ونصر قراءة التاء هذه، والسبعة ص ٢٢٠، والكشف ١/ ٣٦٦، ومشكل إعراب القرآن ١/ ١٦٨، والبحر ٣/ ١٢٨، وتفسير القرطبى ٤/ ٢٩٠. (١) سورة الزمر ٧. (٢) سورة آل عمران ١٧٣. (٣) سورة يوسف ٣٥. (٤) وإلى هذا ذهب المبرد. راجع مشكل إعراب القرآن ١/ ٤٣٠، والبيان ٢/ ٤١، وتفسير القرطبى ٩/ ١٨٦، وانظر كتاب الشعر وحواشيه صفحات ٢٢٥،٤٤٢،٥٠٦،٥٠٧،٥١٢. (٥) هو محمد بن بشير الخارجى-نسبة إلى خارجة بن عدوان بن عمرو-من شعراء الدولة الأموية. انظر شعره ص ١٧١، ضمن شعراء أميون، الجزء الثالث، ونسب إلى الشماخ. ملحق ديوانه ص ٤٢٧، وانظر كتاب الشعر ص ٢٢٥، ومعجم الشواهد ص ٢٠.