ويقوّى ذلك أنك لو قلت: ليت لى مالا، لما عورضت بتصديق ولا تكذيب، فقد خرج التمنّى عن حيّز الخبر بهذين.
ومن التمنّى قوله تعالى، حاكيا عن الكفار:{فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}(٣) /فالنصب فى قوله: {فَنَكُونَ} يحتمل وجهين، أحدهما: أن يجعل {فَنَكُونَ} جوابا مثل {فَأَفُوزَ}(٤) والآخر أن يكون معطوفا على المصدر الذى هو {كَرَّةً} كأنه قيل: فلو أنّ لنا أن نكرّ إلى الدنيا فنكون من المؤمنين، ومثل ذلك فى عطف الفعل المنصوب بأن مضمرة، على مصدر، قول امرأة أعرابية (٥) من نساء معاوية، اشتاقت أهلها:
للبس عباءة وتقرّ عينى ... أحبّ إلىّ من لبس الشّفوف
الشّفوف: الثّياب الرّقاق، واحدها شفّ، وإنما أضمروا فى هذا النحو
(١) سورة النساء ٧٣. (٢) هذا شاهد كثير الدوران فى كتب النحو. وقد نسبه القيسىّ فى إيضاح شواهد الإيضاح ص ٣٤٧ للمغيرة بن حبناء، وكذلك العينىّ والسيوطىّ، فى شرح الشواهد الكبرى ٤/ ٣٩٠، وشرح شواهد المغنى ص ١٦٩، وحكاه البغدادىّ عنهما، ثم قال: «وقد رجعت إلى ديوانه، وهو صغير، فلم أجده فيه». الخزانة ٨/ ٥٢٤. والبيت من غير نسبة فى الكتاب ٣/ ٣٩،٩٢، والمقتضب ٢/ ٢٤، والإيضاح ص ٣١٣، والمسائل المنثورة ص ١٤٦، والأصول ٢/ ١٨٢،٣/ ٤٧١، وضرورة الشعر ص ١٩٥، وضرائر الشعر ص ٢٨٤، والمحتسب ١/ ١٩٧، والتبصرة ص ٤٠٣، والإفصاح ص ١٨٤، والمغنى ص ١٩٠، وشرح أبياته ٤/ ١١٤. وانظر شعره (ضمن شعراء أمويون) ٣/ ٨٣. (٣) سورة الشعراء ١٠٢، وانظر لمجيء «لو» بمعنى التمنّى: الكشاف ٣/ ١١٩، والبحر ٧/ ٢٨، ورصف المبانى ص ٢٩١، والمغنى ص ٢٩٥، ودراسات لأسلوب القرآن الكريم ٢/ ٦٦٤،٦٦٥. (٤) فى آية النساء السابقة. (٥) ميسون بنت بحدل الكلبيّة، وبيتها هذا فى غير كتاب. انظر كتاب سيبويه ٣/ ٤٥، والمقتضب ٢/ ٢٧، والأصول ٢/ ١٥٠، والمحتسب ١/ ٣٢٦، والبسيط ص ٢٣٣، وشرح ابن عقيل ٢/ ٢٨٠، والمغنى ص ٢٩٥، وفهارسه، وشرح أبياته ٥/ ٦٤، وفهارسه، والخزانة ٨/ ٥٠٣، وفهارسها. وأورد ابن الشجرىّ القصيدة كلّها فى حماسته ص ٥٧٣.