وممّا جاء بلفظ الاستفهام ومعناه الوعيد قوله:{أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً}(١) معناه: أفنترككم ولا نذكّركم بعقابنا؟
وممّا جاء بمعنى الحثّ قوله:{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً}(٢) ويكون تهدّدا على جهة التنبيه، كقوله:{أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ}(٣) إلى آخر القصة، ويكون تحذيرا كقوله:{فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ}(٤)، ويكون/تعجّبا، كقول جرير:(٥):
غيّضن من عبراتهنّ وقلن لى ... ماذا لقيت من الهوى ولقينا
شباب وشيب وافتقار وثروة ... فلله هذا الدّهر كيف تردّدا
جعل الخبر والاستفهام جميعا تعجّبا، ويكون عرضا، كقولك: ألا تنزل عندنا؟ ألا تنال من طعامنا؟ والعرض بأن يكون طلبا أولى من أن يكون استفهاما، وإنما أدخله من أدخله فى حيّز الاستفهام، لأنّ لفظه لفظ الاستفهام، وليس كلّ
(١) الآية الخامسة من سورة الزخرف. (٢) سورة البقرة ٢٤٥، والحديد ١١. (٣) سورة المرسلات ١٦. (٤) سورة آل عمران ٢٥. (٥) ديوانه ص ٣٨٦، وتخريجه فى ص ١٠٧٩، والبيت ينسب إلى المعلوط السّعدى، انظر شرح الحماسة للمرزوقى ص ١٣٨٢. (٦) البيت من مقطوعة لقيس بن عاصم المنقرىّ، رضى الله عنه، وتنسب إلى حاتم الطائىّ. انظر زيادات ديوانه ص ٣١٢، وانظر حاشية البغدادىّ على شرح بانت سعاد ١/ ١٢٩، وشرح أبياته المغنى له ٤/ ٣١٤. (٧) ديوانه ص ١٣٥، والمغنى ص ٢٣٦، وشرح أبياته ٤/ ٣٠٢.