انتهى كلام أبى جعفر الطبرى، وهو منتزع من كلام الفراء (١).
٥٦ - ذكر ابن الشجرى (٢) من أوجه «لا» أن تجيء مؤكدة للنفى فى غير موضعها الذى تستحقه، كقوله تعالى:{وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ وَلا الْمُسِيءُ}، قال: لأنك تقول: ما يستوى زيد وعمرو، ولا تقول: ما يستوى زيد، فتقتصر على واحد، ومثله:{وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ}.
وقد حكاه عن ابن الشجرى الزركشى (٣)، ثم قال: وقال غيره: «لا» هاهنا صلة-أى زائدة-لأن المساواة لا تكون إلا بين شيئين.
٥٧ - ذكر ابن الشجرى (٤) من وجوه «ما» أن تكون اسما بمعنى الحين، كقوله تعالى:{كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً} و {كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها} و {كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ}، قال:«أى فى كلّ حين خبت، وفى كل حين نضجت جلودهم، وفى كل حين أضاء لهم، ومنه قول الشاعر:
منا الذى هو ما إن طرّ شاربه ... والعانسون ومنّا المرد والشّيب
قال ابن السكيت: يريد حين أن طر شاربه».
وقد ذكر ابن هشام (٥)«ما» هذه، وسماها الزمانية، وذهب إلى أنها تدل على الزمان بالنيابة عن الظرف المحذوف، لا بذاتها. قال:«والزمانية نحو {ما دُمْتُ حَيًّا} أصله: مدة دوامى حيا، فحذف الظرف، وخلفته «ما» وصلتها».
ثم تعقّب ابن السكيت وابن الشجرى، فقال: ولو كان معنى كونها زمانية
(١) فى معانى القرآن ١/ ٤٧٩. (٢) المجلس السابع والستون. (٣) البرهان ٤/ ٣٥٧. (٤) المجلس الثامن والستون. (٥) المغنى ص ٣٣٦.