إضمار مبتدأ، تقديره: ساء المثل مثلا هم القوم الذين كذّبوا، مثل نعم رجلا زيد.
وقال الأخفش (١): تقديره: ساء مثلا مثل القوم (٢).
قلت: ساء بمنزلة بئس، وهذا الباب لا يكون فيه المقصود بالذمّ أو المدح إلاّ من جنس الفاعل، فلا يجوز: بئس مثلا غلامك، إلاّ أن يراد: مثل غلامك، فيحذف (٣) المضاف. فقول الأخفش هو الصّواب، ومن زعم أن التقدير: ساء مثلا هم القوم، فقد أخطأ خطأ فاحشا.
ومن الأغاليط الشنيعة أقوال حكاها فى سورة الأنفال، فى قوله تعالى:{كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ}(٤) قال: الكاف من {كَما} فى موضع نصب، نعت لمصدر {يُجادِلُونَكَ} أى جدالا كما، وقيل: هى نعت لمصدر يدلّ عليه معنى الكلام، تقديره: الأنفال ثابتة لله والرسول ثبوتا كما أخرجك، وقيل: هى نعت لحقّ، أى هم المؤمنون حقّا كما. وقيل: الكاف فى موضع رفع، والتقدير: كما أخرجك ربّك من بيتك بالحقّ، فاتّقوا الله، فهو ابتداء وخبر. وقيل: الكاف بمعنى الواو للقسم، أى الأنفال لله والرسول والذى أخرجك (٥). انتهى كلامه.
وهذه أقوال رديئة منحرفة عن الصّحة انحرافا كلّياّ، وأوغلها فى الرّداءة القول الرابع والخامس. فقوله: الكاف من {كَما} فى موضع رفع بالابتداء، وخبره {فَاتَّقُوا اللهَ}(٦) قول ظاهر الفساد، من وجوه، أحدها أن الجملة التى
(١) معانى القرآن ص ٣٤٢. (٢) المشكل ١/ ٣٣٥ (دمشق)،١/ ٣٠٦ (بغداد). (٣) فى الأصل: فحذف. (٤) سورة الأنفال ٥، وقد عرض ابن الشجرى لتأويل هذه الآية الكريمة فى المجلس الثالث عشر. (٥) المشكل ١/ ٣٣٩،٣٤٠ (دمشق)،١/ ٣٠٩.٣١٠ (بغداد). (٦) من الآية الأولى من السورة.