واحد الجآذر: جؤذر، ولد البقرة الوحشيّة، ومن هذا الضّرب قولهم:
«هذا بسرا أطيب منه رطبا (١)» التقدير: هذا إذا وجد صلبا أطيب منه إذا وجد ليّنا، فهذا يقال فيه إذا كان بلحا.
وممّا جاءت فيه الحال بمعنى المشتقّ قوله تعالى:{فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ}(٢) انتصاب {فِئَتَيْنِ} على الحال؛ لأن المعنى: ما لكم منقسمين فى شأنهم فرقتين، فرقة/تمدحهم، وفرقة تذمّهم.
وحقيقة المعنى عندى (٣) أن «فئتين» فى معنى مختلفين، فحرف الجرّ الذى هو «فى» متعلّق بهذا المعنى، أى ما لكم مختلفين فى أمرهم، فانتصابه كانتصاب {مُعْرِضِينَ} فى قوله: {فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ}(٤).
واختلف فى هؤلاء المنافقين (٥)، فقيل: هم قوم تخلّفوا يوم أحد، و {قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاتَّبَعْناكُمْ}(٦) وقيل: هم قوم قدموا المدينة وأظهروا الإسلام، ورجعوا إلى مكة فأظهروا الكفر، وقيل: هم قوم أسلموا بمكة، وكانوا يعينون المشركين، والدليل على أنهم من أهل مكة قوله:{فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ}(٧).
(١) تقدّم فى المجلس الخامس والعشرين. ويأتى مرّة أخرى فى هذا المجلس، والمجلس السادس والسبعين. وقد تكلّم عليه ابن قيم الجوزية كلاما طويلا، فى بدائع الفوائد ٢/ ١١٩ - ١٣٠. وقد أفرد السيوطىّ لهذه المسألة رسالة صغيرة سمّاها: (تحفة النّجبا فى قولهم: هذا بسرا أطيب منه رطبا) تراها بآخر كتابه الأشباه والنظائر ٤/ ٦٥٢ - ٦٦٢، وقد سلخها من كلام ابن قيم الجوزية. وهذا عوّل على ما ذكره السّهيلى فى نتائج الفكر ص ٣٩٩ - ٤٠٥، وانظر المقتضب ٣/ ٢٥١، وحواشيه- (٢) سورة النساء ٨٨. (٣) سبق إلى هذا أبو زكريا الفراء. معانى القرآن ١/ ٢٨٠. وراجع إعراب القرآن للنحاس ١/ ٤٤٢. (٤) سورة المدثر ٤٩. (٥) أسباب النزول ص ١٦٠، والدر المنثور ٢/ ١٩٠. (٦) سورة آل عمران ١٦٧. (٧) سورة النساء ٨٩.