فهى فى التزامها للصّلة مخالفة للاستفهاميّة والشّرطيّة، فمن ذلك قوله تعالى:{إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ}(١) المعنى: إن الذى صنعوه.
وحقّها إذا جاءت بعد «إنّ» أن تكتب منفصلة للفرق بينها وبين «ما» الكافّة فى نحو: {إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ}(٢) ولكنها جاءت على غير القياس متّصلة فى قوله تعالى: {إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ} وجاءت على القياس منفصلة فى قوله: {إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ}(٣).
فأما قوله جلّ وعز:{ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ}(٤) فقرأ أبو عمرو:
«آلسّحر»؟ بمدّ الألف، وقرأه الباقون خبرا، ف «ما» على قراءة أبى عمرو استفهاميّة، وهى فى محلّ الرفع بالابتداء، والجملة التى هى {جِئْتُمْ بِهِ} الخبر، وقوله:«آلسّحر» فى رفعه قولان، أحدهما: قول أبى علىّ، وهو أن يكون بدلا من «ما» فإذا قدّرت إيقاعه فى موضع «ما» صار: أالسّحر جئتم به؟
/والقول الآخر: أن تجعله خبر مبتدأ محذوف، تقديره: أهو السّحر؟ وإن شئت: أالسّحر هو؟ تقدّره خبرا.
فإن قيل: ما وجه الاستفهام مع علم موسى أنه سحر؟
فإنّه على وجه التقرير (٥)، كما قال:{أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اِتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ}(٦) وهذا يقع فى الكلام كثيرا.
(١) سورة طه ٦٩. (٢) سورة الرعد ٧، بتنوين الراء، وسورة النازعات ٤٥، بغير تنوين. وراجع هذه القاعدة فى أدب الكاتب لابن قتيبة ص ٢٣٥، وأدب الكتّاب للصولى ص ٢٥٨، وكتاب الكتّاب لابن درستويه ص ٥١. (٣) سورة الأنعام ١٣٤. وانظر المقنع ص ٧٣، وجمال القرّاء ص ٦٣٩. (٤) سورة يونس ٨١. وراجع السبعة ص ٣٢٨، والإتحاف ٢/ ١١٨. (٥) راجع مشكل إعراب القرآن ١/ ٣٨٩، والكشف ١/ ٥٢١. (٦) سورة المائدة ١١٦.