كقولك: لتعن بحاجتى» (١) فقال: إنّ اللام موضوعة لأمر الغائب، فكيف دخلت على أمر المواجه؟.
فأجبت بأنه أراد فى قول ابن درستويه، فى تصحيحه للفصيح (٢): أن لا يؤمر بهذا اللفظ مواجه، وإنما يؤمر به غائب، مكاتبة أو مراسلة.
وأقول بعد هذا: إن الأصل فى أمر المواجه أن يستعمل بلام الأمر مع تاء الخطاب، فقد روي عن النبيّ عليه السلام أنه قال فى بعض مغازيه:«لتأخذوا مصافّكم»(٣) وفى قراءة أبيّ: «فبذلك فلتفرحوا»(٤) وقيل: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كذلك قرأها، فالأصل فى أمر المواجه: لتقم، لتنطلق، كما يقال للمنهيّ المواجه: لا تقم، ولا تنطلق، ولكنهم استثقلوا استعمال أمر المواجه باللام مع حرف المضارعة؛ لأنه كثر فى كلامهم، فخفّفوه بحذف اللام وحذف التاء، واستدلّوا (٥) بالصّيغة على المعنى الذى أرادوه، واستغنوا بقولهم: قم وانطلق عن قوله:
لتقم ولتنطلق، ويجوز عندى استعمال الأصل فى قولك: لتعن بحاجتى، ولتوضع (٦) فى تجارتك، مخاطبا به حاضرا (٧)، وهذا الذى أراده ثعلب.
... وممّا سأل عنه نصر بن عيسى الموصلى، عامل الجزم فى «يؤخّر» من قول زهير (٨):
(١) فصيح ثعلب ص ١٦،١٧. (٢) ١/ ٢١٤. (٣) تقدّم تخريجه والكلام عليه فى المجلس السابع والخمسين. (٤) سورة يونس ٥٨، وراجع المجلس المذكور. (٥) فى الأصل: «واستبدلوا». وصوابه من د. (٦) يقال: وضع فى تجارته ضعة ووضيعة فهو موضوع فيها، وأوضع، ووضع وضعا: غبن وخسر فيها، وصيغة ما لم يسمّ فاعله أكثر. (٧) فى الأصل ود «حاضر» برفع الراء، والوجه ما أثبتّ. (٨) ديوانه ص ١٨، من معلقته.