حقّر ركبا تحقير كعب، وأعاد إليه ضمير جمع على المعنى. وجمعوه على صحابة (١)، وهذا أيضا غير مقيس، ثم قالوا: صحابات، فجمعوه بالألف والتاء، كما قالوا فى جمع صاحبة: صواحب، ثم قالوا: صواحبات، وجاء فى الحديث: «إنكنّ لصواحبات يوسف (٢)»
إذا رأيا لى غفلة آسدا لها (٣) ... أعاديّ والأعداء كلبى كلابها
آسدا أعاديّ: أفسدا قلوبهم حتى جعلا أخلاقهم كأخلاق الأسود.
والكلبى: جمع كلب كلب، كزمن وزمنى، وضمن وضمنى.
فقد جعلت نفسى تطيب لضغمة ... لضغمهماها يقرع العظم نابها
الضّغمة: العضّة، ومنه قيل للأسد: ضيغم.
و «جعل» هاهنا من أفعال المقاربة، كقولهم: طفق يقول كذا، وكرب يفعل كذا، ولهذا الفعل انقسام إلى معان، قد ذكرها أبو عليّ مع ذكره لهذا البيت.
يقول: جعلت نفسى تطيب لأن أضغمهما ضغمة يقرع لها الناب العظم، وصف ضغمه بالجملة، والمصدر الذى هو الضّغم مضاف إلى المفعول، وفاعله محذوف، التقدير: لضغمى إيّاهما، والهاء التى فى قوله:«لضغمهماها» عائدة إلى الضّغمة، فانتصابها إذا انتصاب المصادر، مثلها فى قوله تعالى:{إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ}(٤) وأضاف الناب إلى ضمير الضّغمة؛ لأن الضّغم إنما هو بالناب، واللام فى قوله:«لضغمهماها» متعلّقة بيقرع، أى يقرع عظمهما/نابى، لضغمى إيّاهما ضغمة واحدة.
(١) ومن ذلك «صحابة رسول الله» عليه السلام. قال ابن الأثير: «ولم يجمع فاعل على فعالة إلاّ هذا» النهاية ٣/ ١٢، ثم قال: «وهى فى الأصل مصدر بمعنى الصحبة» منال الطالب ص ٩٣. (٢) رواه أحمد فى مسنده ٤/ ٤١٢، وانظر بقيّة تخريجه وشرحه فى حواشى كتاب الشعر ص ١٤٨. (٣) وروى: أغريا بها. (٤) سورة الأعراف ١٢٣.