الآن بكت بغداد حين تشبّثت ... بنا البيد وانضمّت علينا الرّواجب
ألقى حركة همزة «الآن» على اللام (١)، ثم حذفها، وهذا من أحسن التخفيف المستعمل فى القرآن.
وقوله:«تشبّثت بنا البيد وانضمّت علينا الرّواجب» مثل واستعارة، أى حين توسّطنا المفاوز فلم نقدر على الرجوع كنّا كمن تشبّث به متشبّث، فضمّ عليه رواجبه، والرّواجب: قصب الأصابع.
وقيل: هى ظهور السّلاميّات وبطونها، والسّلاميّات: عظام الأصابع.
نصون ثرى الأقدام عن وتراتها ... فتسرقه ريح الصّبا وتسالب
الوترات: جمع وترة، وهى الحاجز بين المنخرين.
وهبنا منعناه الصّبا بركوبنا ... أنمنع منه ما تطاه الرّكائب
أبدل من همزة «تطأه» الألف، كما قال الفرزدق:
*فارعى فزارة لا هناك المرتع (٢) ... *
وهو تخفيف على غير قياس، وإنما قياسه أن تجعل الهمزة بين بين.
ويروى:«ما تدوس الرّكائب» أى نصون تراب أقدامنا عن مناخر أهل بغداد؛ لأن قوله:«بكت بغداد» بكى أهلها، بالغ بذلك فى تعظيم نفسه.
(١) وهى مسألة (نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها) وعرفت عند قالون وورش. انظر الكشف عن وجوه القراءات ١/ ٩١، وإرشاد المبتدى ص ٢٢٥، والإتحاف ١/ ٢١٣، وسائر كتب القراءات، فى الأصول، وقلّ من يذكرها فى الفرش. (٢) فرغت منه فى المجلس الثانى عشر.