{تَبْتِيلاً}(١) وعلى هذا نقول: اجتوروا تجاورا، فينوب التّجاور مناب الاجتوار، لأن اجتوروا وتجاوروا بمعنى واحد، وقال القطامىّ (٢):
وخير الأمر ما استقبلت منه ... وليس بأن تتبّعه اتّباعا
ومن هذا الباب قوله تعالى:{وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً}(٣) وقال رؤبة (٤):
*وقد تطوّيت انطواء الحضب*
فوضع الانطواء موضع التّطوّى، كما وضع الآخر الاتّباع موضع التّتبّع، لأنّ تتبّعت واتّبعت واحد، كما أنّ تطوّيت وانطويت بمعنى، وقال تعالى:«أن يصالحا بينهما صلحا»(٥).
فعلى هذه القضيّة توجّه تصغير أملح إلى الملاحة، لأنّ قولك: ما أميلح غزالك معناه: ملح غزالك جدّا، وهذا أسهل من وقوع المصدر عند قوم منّا ومنكم موضع المصدر (٦)؛ لاتفاقهما فى المعنى، وليسا من لفظ واحد، كقولهم: إنّى
(١) الآية الثامنة من سورة المزمّل. (٢) ديوانه ص ٣٥، والكتاب ٤/ ٨٢، والمقتضب ٣/ ٢٠٥، وأدب الكاتب، الصفحة الأخيرة، والأصول ٣/ ١٣٤، والخصائص ٢/ ٣٠٩، وشرح المفصل ١/ ١١١. وتفسير القرطبى ٤/ ٦٩، فى تفسير قوله تعالى: وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً آل عمران ٣٧. ومعنى البيت: أن خير الأمر ما قد تدبّرت أوّله فعرفت إلام تؤول عاقبته، وشرّه ما ترك النّظر فى أوله، وتتبّعت أواخره بالنظر. الخزانة ٢/ ٣٧٠. (٣) سورة نوح ١٧. (٤) فى الأصل، د: «العجاج»، وليس فى ديوانه. وهو من أرجوزة طويلة لابنه رؤبة، يمدح فيها بلال بن أبى بردة. ديوانه ص ١٦، وخرّجته فى كتاب الشعر ص ٤٧٧. وسيشرح «الحضب» فى آخر المجلس، وهو بفتح الحاء وكسرها. (٥) سورة النساء ١٢٨. و «يصالحا» جاءت هكذا فى الأصل، د، بفتح الياء وتشديد الصاد، وهى قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر وأبى عمرو. السبعة ص ٢٣٨، وقرأ الباقون «أن يصالحا» بضم الياء وتخفيف الصاد. وقد قوّى أبو جعفر الطبرى القراءة الأولى. راجع تفسيره ٩/ ٢٧٩. (٦) سبق هذا المبحث فى المجلس التاسع والأربعين.