فهذا الإجماع الذي ادعاه ابنُ عطية لا يصح، وقد صرّح الجمهور (١) بأنَّ {ألقى} في الآية بمعنى (جَعلَ) و (خَلَقَ).
قال الزجّاج:"المعنى: وجعل فيها رَوَاسيَ وأنهاراً وسُبُلاً، لأن معنى ألقى في الأرض رواسي: جعل فيها رواسي، ودليل ذلك قوله:{وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا}[النبأ: ٧] ". اهـ (٢)
وقال الزمخشري:" {وَأَنْهَارًا}: وجعل فيها أنهاراً، لأن ألقى فيه معنى: جعل، ألا ترى إلى قوله: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (٦) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (٧)} [النبأ: ٦، ٧] ". اهـ (٣)
وما ذكره العلماء بأنّ {ألقى} بمعنى (جَعلَ) هو الصحيح - خلافاً لابن عطية-، بدليل آية النبأ - السابق ذكرها-، وقوله- تعالى-: {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا}[الرعد: ٣]، وقوله:{وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ}[الأنبياء: ٣١]، وقوله:{وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ}[النمل: ٦١]، وقوله:{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا}[فصلت: ١٠]، وقوله:{وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ}[المرسلات: ٢٧].
* * *
(١) ينظر: معاني القرآن وإعرابه، للزجاج (٣: ١٩٣)، الهداية إلى بلوغ النهاية، لمكي بن أبي طالب (٦: ٣٩٦٥) الملخص في إعراب القرآن، للخطيب التبريزي (ص: ١٨٩)، تفسير الزمخشري (٢: ٥٩٨)، الفريد، للمنتجب الهمذاني (٤: ١٠٦)، تفسير القرطبي (١٠: ٩١)، تفسير البيضاوي (٣: ٢٢٢)، تفسير أبي السعود (٥: ١٠٤)، روح البيان، لإسماعيل حقي (٥: ٢٠)، فتح القدير، للشوكاني (٣: ١٨٤). (٢) معاني القرآن وإعرابه (٣: ١٩٣). (٣) تفسير الزمخشري (٢: ٥٩٨).