[١]: قال ابنُ عطية في معرِض تفسيره لقوله - تعالى-: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[البقرة: ٣٠]: "وقولهم: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} قال بعض المتأولين: هو على جهة الاستفهام، كأنهم أرادوا: ونحن نسبحُ بحمدِكَ أم نتغير عن هذه الحال؟
قال القاضي أبو محمد: وهذا يحسن مع القول بالاستفهام المحض في قولهم: (أَتَجْعَلُ) ". اهـ (١)
وقال السمين الحلبي:"وأبعدَ مَن زعمَ أنَّ جملةَ قولِه: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ} داخلةٌ في حَيِّزِ استفهامٍ مقدرٍ، تقديرُه: وأنحن نسبِّح أم نتغيَّر، واستحسنه ابن عطية مع القولِ بالاستفهام المحضِ في قولهم:(أَتَجْعَلُ)، وهذا يأباه الجمهورُ، أعني حذف همزة الاستفهام مِن غيرِ ذِكر (أم) المعادِلةِ، وهو رأيُ الأخفش (٢)، وجعلَ مِن ذلك قوله - تعالى-: {وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ}[الشعراء: ٢٢] أي: وأتلك نعمةٌ".
ثم قال السمين:"فأمَّا مع (أمْ) فإنه جائزٌ؛ لدَلالتِها عليه، كقوله:
فوَ اللهِ ما أدري وإنْ كنتُ دارياً ... بسبْعٍ رَمَيْنَ الجمرَ أم بِثَمانِ (٣)
أي: أبسبعٍ". اهـ (٤)
(١) المحرر الوجيز (١: ١١٨). (٢) ينظر: شرح الكافية الشافية، لابن مالك (٣: ١٢١٧)، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، لابن هشام (١: ١٩). (٣) البيت لعمر بن أبي ربيعة، وهو في ديوانه (ص: ٢٧٣). (٤) الدر المصون (١: ٢٥٨).