أولاً: أقوال العلماء في توجيه القراءة برفع النون (بينُكم).
للعلماء في هذه المسألة أربعة أقوال:
الأول: أن الَبْينَ في (بينُكم) ظرف استُعمل اسمًا، فلماّ استُعمل اسمًا جاز أن يُسند إليه الفعل (تقطّع)، ولا يجوز أن يكون (بينكم) مصدر؛ لأن التقدير يصير: لقد تقطع افتراقكم، وهذا خلاف المعنى المراد؛ لأن المراد: لقد تقطع وصلكم، وجاز أن يكون البين بمعنى الوصل مع أن أصله الافتراق؛ لأنه لما استعمل مع الشيئين المتلابسين في نحو: بيني وبينه شِرْكَة، وبيني وبينه صداقة؛ صارت لاستعمالها في هذه المواضع بمنزلة الوصلة على خلاف الفرقة؛ فلهذا جاء {لقد تقطع بَيْنُكم} بمعنى: لقد تقطع وصلكم.
قاله: الفارسي (١)، ومكي بن أبي طالب (٢)، ورجحه: ابن عطية (٣)، والفخر الرازي (٤)، والسمين الحلبي (٥).
قال السمين:"والقول بكونه مجازاً أولى من القول بكونه مشتركاً، لأنه متى تعارض الاشتراك والمجاز فالمجاز خير منه عند الجمهور". اهـ (٦)