قال سعيد بن جبير، عن ابن عباس: لما نزل قول الله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ (١) قالت اليهود: يا محمد، افتقر ربك فسأل عباده القرض. فنزلت هذه الآية.
وروى البغوي في معالم التنزيل، عن عكرمة والسدي ومقاتل: أنه ﷺ، كتب مع أبي بكر ﵁، إلى يهود بني قينقاع: يدعوهم إلى الإسلام، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن يقرضوا الله قرضاً حسناً. فقال فنحاص اليهودي: إن الله فقير حتى سألنا القرض. فلطمه أبو بكر ﵁، في وجهه، وقال: لولا الذي بيننا وبينكم من العهد، لضربت عنقك. فشكاه لرسول الله ﷺ، وجحد ما قاله. فنزلت.
والمعنى: لقد علم الله قول اليهود الذين قالوا: إن الله فقير ونحن أغنياء: مجترئين - بهذا القول الشنيع - على من لا تنفد خزائنه.
أي ذلك العذاب، عقاب عادل بسبب ما فعلتموه في الدنيا من الآثام، وبأن الله ليس بظالم لعبيده. فبقدر العمل يكون الجزاء. ﴿وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ﴾ (٢).
ونسبة العمل إلى الأيدي - مع أنه قد يكون بغيرها - لأن أكثر الأعمال تزاول بها.
وصيغة (ظَلاَّمٍ) للنسب: أي ليس منسوباً إلى الظلم، ومن استعمال هذه الصيغة في النسب قولهم: نجَّار: أي منسوب إلى النجارة، وحداد: أي منسوب إلى الحدادة، وعطار: أي منسوب إلى العطارة.
(١) البقرة من الآية: ٢٤٥. (٢) آل عمران من الآية: ١٠٨.