وهذا شاهد على أنه تعالى كما بدأَ الخلق يعيده، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾ (١).
وكما أَنه يختص بالإِحياء والإِماتة، فأنه تعالى يرجع إليه وحده التدبير في اختلاف الليل والنهار.
والمراد باختلافهما: أن يجئ كلاهما خلف الآخر، أو أَن يتفاوتا طولًا وقصرًا، نورًا وظلامًا، وفي ضوء النهار تتحرك الكائنات الحية إلى معايشها وأرزاقها، وفي الظلام تسكن وتستريح من سعيها ومتاعبها: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (٦٢)﴾ وختم الله الآية بقوله: ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ أَي: أَترون هذه الآيات فلا تعقلون دلالتها على الخالق سبحانه ووجوب عبادته وحده لا شريك له، وتصديق رسله والاهتداء بهديه، والعمل ليوم البعث والنشور؟: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَار﴾ (٢).
﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾: أباطيلهم التي سطروها للتلهى بها، جمع: أسطورة، كأُحدوثة وأحاديث، وأعجوبة وأعاجيب، وقيل: جمع أسطار جمع سَطْر، فهى جمع جمع، واختيار الزمخشرى الأَول، لأَن جمع المفرد أَولى من جمع الجمع وأَقيس، ولأن وزن أفعولة يأتى لما فيه التلهى، فيكون القرآن - في نظرهم الفاسد - مكتوبات لا طائل تحتها، وإِلى هذا الرأى ذهب المبرد وجماعةٌ من أهل اللغة.
(١) سورة الأنبياء، الآية: ١٠٤ (٢) سورة آل عمران، من الآية: ١٣