وأَنزل عليه الكتب، وكان مقتضى هذا أَن يقر بوحادنية الله وقدرته، وأَن يبادر بعبادته ولكنه اتخذ هذه المواهب التي أَيده الله بها ليجادل في وحدانية الله ويخاصم الدعاة إِليه إِذ يقول:"مَن يُحْيِى الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ"(١) مع أَنه سبحانه قَوِىٌّ قَهَّارٌ منتقم ممن عصاه، وصدق الله إِذ يقول:"وَهُمْ يُجَادِلُونَ في اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ"(٢).
ويصح أَن يكون المعنى؛ خلق الإِنسان من نطفة فإِذا هو منطيق مجادل عن نفسه مكافح للخصوم بعد أَن كان ماءً حقيرًا لا قيمة له ولا وزن - وهذا المعنى أَنسب بمقام الامتنان بإِعطاء القدرة على الاستدلال على الله تعالى.