﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾:
أي لا تنقادُوا لوساوس الشيطان، ولا تستجيبوا له إن دعاكم لعصيان مولاكم.
﴿إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾:
فلا يُؤْمنُ جانبه، فاحذروه فإنه يُحَذِّرُ من البر خوف الفقر، ويأمر بالفحشاءِ والمنكر. قال تعالى: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَامُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ﴾ (١) البقرة.
ولما كان من أساليب الشيطان وحيله، أن يدعوكم إلى المنكر والفحشاء، بالتدريج من شر إلى ما هو شر منه، فلهذا قال: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ﴾ فقد جعل أتباعه من وساوسه - مرة بعد أُخرى - بمنزلة اتباعه في خطواته، خطوة بعد أُخرى.
وعداوة الشيطان للإنسان قديمة، منذ أن خلق الله آدم ﵇.
فمن العقل ألا تتخذ عدوك صديقًا.
قال تعالى: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ (٢).
هذا، وقد ورد النهي عن تتبع خطوات الشيطان - بعد الأمر بالدخول في السلم كافة - ليؤكد الاستمساك بالإسلام استمساكًا قويًا، فإن من يتبع خطواته، لا يدخل في الإسلام دخولًا عميقًا، ولا يستمسك به استمساكًا قويًا، ولا يذوق حلاوته.
٢٠٩ - ﴿فَإِن زَلَلْتُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾:
أي: فإن انصرفتم عن شرائع الإسلام، وانغمستم في الشقاق والخلاف، وتكبرتم عن الإذعان والتسليم لدين الله، من بعد ظهور الحجج الواضحة، الدالة على أنه من عند الله - تعالى - فاعلموا أن الله ﴿عَزِيزٌ﴾: غالب على أمره، لا يمنعه شيٌ عن عقابكم، ﴿حَكِيمٌ﴾: لا يترك ما تقتضيه الحكمة من مؤاخذة المجرمين.
وحسبكم هذا وعيدًا للمارقين.
(١) البقرة: ٢٦٨
(٢) فاطر: ٦